والأصحُّ أنَّه لا فرق، وما سبق منصوصٌ للشافعيِّ رضي اللَّه عنه في "الأمِّ" في ترجمة ذهاب العقل من الجناية (?)، فقال: (ولو صاحَ عليه أو ذعرهُ بشيءٍ فذهب عقله لم يبنْ لي أن عليه شيئًا إذا كان المصاحُ عليه بالغًا يعقلُ، ولكن لو صاح على صبيٍّ فذهبَ عقلُ الصبيِّ ضمنَ ديتَهُ، ولو عدا رجلٌ على بالغٍ يعقلُ بسيفٍ فلم يضربْهُ، وذعرَهُ ذُعرًا أذهبَ عقلَهُ لم يبن لي أنَّ عليهِ ديةً من قِبَل أنَّ هذا لم يقع في جنايةٍ، وأن الأغلب من البالغين أن مثلَ هذا لا يذهبُ العقلَ). انتهى.

فإن زالَ بجرحٍ له حكومةُ فالديةُ أو لَهُ أرشٌ مقدرٌ وجُبارٌ في قولٍ يدخلُ الأقل في الأكثر، فإن تساويا فواحدٌ. هذا مقتضى نص "الأم"، وأجرى الأكثرُ القولين مطلقًا ولوِ ادَّعَى الولي زوالَ العقلِ بجنايةٍ يحتملُ زوالُ العقلِ بها، وأنكر الجاني فالقولُ قولُ الجاني بيمينِهِ، فإن حلفَ فلا شيء له عليه، وإن نَكَلَ لم يحلفِ الوليُّ على الأصحِّ.

فإن قال الوليُّ عندي من يشهدُ بأنه مجنونٌ، فَشهِدَ أهلُ الخبرةِ بذلكَ قبلتْ شهادتُهم على مقتضى الظاهر، كما تشهدُ البينةُ بالمرضِ المخُوفِ ونحوه، وحينئذٍ يثبت جنون المجنيِّ عليه ويأخذ الوليُّ الدية ولا يحلف المجني عليه اليمينَ المردودةَ إذا نكلَ الجاني، حيث كانَ جنونهُ مطبِقًا، فإن كان منقطعًا وهو في زمانِ الإفاقةِ صالحٌ للدعوى، فإنهُ حينئذٍ يدعي ولا يُجعل القولُ قولُه بمجردِ عدمِ انتظامِ أفعالِهِ وأقوالِهِ في زمنِ الجنونِ، بل نقولُ القولُ قولُ الجاني بيمينهِ، فإنْ نكَلَ رددناها على المجني عليه، وأخذنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015