ابن كَجٍّ عن عامة الأصحابِ: أنَّه لا يقعُ قصاصًا، وهو القياسُ؛ لأنَّ القاعدةَ أنَّ سرايةَ الجاني من جهة قطعهِ فِي القصاصِ مهدرةٌ، وما يكونُ مهدرًا لا يقعُ قصاصًا، فعلى هذا لولي المجنيِّ عليه نصفُ الديةِ فِي تَرِكَة الجاني.
وإن ماتا معًا، فالأصحُّ أنَّه لا يقع قصاصًا خلافًا لما فِي "المنهاج" تبعًا لأصله من وقوعِهِ قصاصًا فِي هذه الصورةِ والتي قبلها، لأنَّ القاعدةَ المقررَّةَ: أنَّ القصاصَ إنَّما يقعُ بعدَ وجوبِهِ، فإذا مات الجاني والمجنيُّ عليه معًا بالسرايةِ، فقد مات الجاني قبل وجوب قصاص النَّفس، فالحكم بأنه اقتصَّ منه بعيدٌ لا سيما مع تصحيحِ أنَّهُ إذا سبق موتُ الجاني بالسراية لا يكون قصاصًا كما تقدَّم.
وإن ماتَ الجاني أولًا، فأصحُّ الوجهينِ أنَّه لا يحصلُ، وللمجنيِّ عليه نصفُ الدية فِي تَركَةِ الجاني.
وإذا طلبَ مستحقُّ القصاصِ فِي اليمينِ إخراجَها فأخرجَ الجاني يسارَهُ فقطعَهَا، فإن قصدَ الجاني إباحتَها فلا قصاصَ فِي اليسارِ ولا ديةَ، ويبقى قصاصُ اليمينِ كما كانِ.
ولو كان المُخرِجُ الذي قصد الإباحة عبدًا فلا تكون يساره مهدرةً قطعًا، بل يجب ضمانُها قطعًا، وفِي سقوطِ القصاصِ إذا كان القاطعُ عبدًا وجهانِ: الأرجح سقوطُه، ولو قال القاطعُ: "قطعتُ اليسار على ظنِّ أنها تجزِئُ عن اليمينِ"، فالأصحُّ سقوطُ قصاصِ اليمينِ، لأنه رَضِيَ بسقوطِهِ اكتفاءً باليسارِ، فعلى هذا يُعدلُ إلى دية اليمينِ، لأنَّ اليسارَ وقعتْ هدرًا، ولو قال: "قصدت" إيقاعَهَا عن اليمينِ وظننتُ أنَّها تجزئُ عنها، وقال القاطعُ: "عرفتُ أن المُخرَجَ اليسارُ، وأنَّها لا تجزئُ عن اليمينِ"، فلا يجبُ القصاصُ فِي اليسارِ