وما تقدَّم من أنَّ الأمَّ أولَى من الأبِ قبلَ التمييزِ، وأنَّه يخيَّرُ بينهما بعده، هو فيما إذا كان الأبوانِ مقيمينِ فِي بلدٍ واحدٍ، فأمَّا إذا أراد أحدُهما سفَرًا، فإنْ كانَ سفرَ حاجةٍ، كحجٍّ وغزوٍ وتجارةٍ، لم يسافرْ بالولدِ، لما فِي السَّفرِ من الخطَرِ والمشقَّةِ، بلْ يكونُ معَ المقيمِ إلَى أَنْ يعودَ المسافرُ.
وإنْ أرادَ سفرًا يختلفُ فيهِ بلدُها، كانَ مع الأمِّ على مختارِ النوويِّ (?)، وهو قضيةُ كلامِ الأصحابِ.
وإن كانَ سفرَ نقلةٍ، فللأبِّ انتزاعُه مِنَ الأمِّ، ويستصحبهُ معهُ، سواءٌ كانَ المنتقلُ الأبَ أو الأمَّ، أو أحدَهما إلى بلدٍ والآخرُ إلَى بلدٍ آخرَ احتياطًا للأنسابِ، بشرطِ أمنِ الطريقِ وأمنِ البلدِ المقصودِ، وسائرُ العصباتِ من المحارمِ كالجدِّ والاخِ والعمُّ بمنزلةِ الأبِ، فيما تقدَّم احتياطًا للنسبِ، وكذَا غيرُ المحَارِمِ كابنِ العمِّ إنْ كانَ الولدُ ذكرًا، فإنْ كانَ أنثَى لمْ تُسلَّمْ إليه. قالَ المتولِّي: إلَّا إذا لم تبلغْ حدًّا يشتهى مثلُها. وفِي "الشامل" أنَّه لو كان له بنت ترافقُه سلِّمتْ إلى بنتِه أي المكلَّفةِ الثِّقةِ، وأما المَحْرَمُ الذي لا عُصوبَة فيه كالخالِ والعمِّ للأمِّ فليسَ لَهُ نقلُ الولدِ إذا انتقَلَ؛ لأنَّهُ لا حقَّ لهُ فِي النَّسبِ (?).
* * *
يجبُ على السَّيدِ نفقةُ رقيقِهِ قوتًا وأدمًا وكسوةً وسائرُ مؤناتهِ، قِنًّا كانَ أو