كالإمام أحمد والإمام إسحاق بن راهويه وغيرهما من الأئمة، وسُمِّيت اجتهادات الإِمام في هذه المرحلة بما اصطلح على تسميته بالمذهب القديم.
بدا للإمام رحمه اللَّه أن يسافر إلى مصر ليعلم أهلها ويطلع على مذهب الإِمام الليث بن سعد شيخ مصر، من خلال تلاميذه، فسافر إليها سنة 199 في أواخر سِني حياته، واجتمع إليه علماء مصر وأعيانها، وبقي الإِمام فيها حتى وافته المنية، وكان في تلك المدة قد اطلع على فقه الإِمام الليث، ومسائل متفقه الإِمام الأوزاعي، واستفاد منها، وكتب كتبه الجديدة، التي اصطلح على تسميتها بالمذهب الجديد.
لقد قام الإِمام الشافعي رحمه اللَّه بنشر مذهبه، ووضعَ أصوله وطرقه في الاستدلال والاستنباط بيده، فقد كتب الرسالة الأولى، ثم الثانية، وكتب كتبه التي تعتبر بمثابة إسقاطات عملية لهذه الأصول والضوابط، وقد بذل جهدًا كبيرًا لا سيما في أواخر سِني حياته في نقل علمه إلى طلابه في مصر، فقد كان رحمه اللَّه يواصل الليل بالنهار بحثًا وكتابةً وتعليمًا، ويسر اللَّه تعالى له مجموعة من طلاب العلم حملوا علمه وبلّغوه، وقد كان لهؤلاء الطلبة دور كبير في نشر المذهب وحفظه.
* أبو بكر عبد اللَّه بن الزبير بن عيسى الحميدي القرشي: عبد اللَّه بن الزبير بن عيسى بن عبيد اللَّه القرشي الأسدي الإِمام أبو بكر الحميدي المكي، صاحب الشافعي، ورفيقه في الرحلة إلى الديار المصرية، وقد أخذ عن شيوخ الشافعي، وقال يعقوب بن سفيان: ما رأيت أنصح للإسلام وأهله منه، وقال الحاكم: الحميدي مفتي أهل مكة ومحدثهم وهو لأهل الحجاز في السنة كأحمد بن حنبل