وما فرشهم إلا أيامن أزرهم ... وما وسدهم إلا ملاء وأذرع
وما ليلهم فيهن إلا تخوف ... وما نومهم إلا عشاش مروع
وألوانهم صفر كأن وجوههم ... عليا جساد هي بالورس مشبع
نواحل قد أزرى بها الجهد والسرى ...
... إلى الله في الظلماء والناس هجع
ويبكون أحياناً كأن عجيجهم ... إذا نوم الناس الحنين المرجع
ومجلس ذكر فيهم قد شهدته ... وأعينهم من رهبة الله تدمع
كان عباد بن زياد التيمي له إخوة متعبدون، فجاء الطاعون فاخترمهم، فقال يرثاهم:
فتية يعرف التخشع فيهم ... كلهم أحكم القرآن غلاماً
قد برى جلده التهجد حتى ... عاد جلداً مصفراً وعظاماً
تتحافى عن الفراش من الخو ... ف إذا الجاهلون باتوا نياماً
بأنين وعبرة ونحيب ... ويظلون بالنهار صياماً
يقرؤؤن القرآن لا ريب فيه ... ويبيتون سجداً وقياماً
ومنهم من منعه خوف النار من الضحك.
وقال إسماعيل السدي: قال الحجاج لسعيد بن جبير: بلغني أنك لم تضحك قط، قال: كيف أضحك وجهنم قد سعرت، والأغلال قد نصبت، والزبانية قد أعدت؟ ! .