وإذا كان الحديث الذي تبحث عنه متعلقٌ بالزهد، فأرجع إلى كتب الزهد المليئة بالآثار، ككتاب (الزهد) للإمام أحمد، وكتاب (الزهد) لابن المبارك، وكتاب (الزهد) لوكيع. وكتب ابن أبي الدنيا فهي كتبٌ مهمة جداً، ومليئةٌ بالآثار، وأخطأ من في الحكم مَنْ هَوّن من شأنها باعتبار أن كثيراً من الأحاديث التي فيها لا تصح أو غالبها ضعيف، فلو سلّمنا له بذلك، فهذه الكتب مهمةٌ جداً في معرفة آثار الصحابة، والمزية العظمى لها أن المؤلف يروي بالإسناد، فلا يُستغنى عن كتب ابن أبي الدنيا. ثم إنه لاشك أنّ الخطيب البغدادي من أعلم الناس بكتب الحديث ومعرفة المهم منها، فالخطيب -رحمه الله- لمّا رحل من بغداد إلى دمشق حمل معه -في حِمله الذي يحمل فيه كتبه- نحو أربعين كتاباً من كتب ابن أبي الدنيا خاصة، وهو في حال السفر التي لا يحمل فيها الإنسان إلا المهم من حاجياته، فهذا دليلٌ على عناية الخطيب بها مما يدل على أهميتها، وهناك جزء كامل في أسماء الكتب التي حملها الخطيب البغدادي في سفره من بغداد إلى دمشق، مطبوع هذا الجزء ضمن كتاب (الخطيب البغدادي وأثره في علوم الحديث) للدكتور: محمود الطحّان. ومما يدل على أهميتها أيضاً أن ابن رجب الحنبلي يعتمد في الأحاديث التي يذكرها –كثيراً- على الأجزاء التي يصنفها ابن أبي الدنيا، فمثلاً في شرحه لحديث ((إنما الأعمال بالنيات..)) في جامع العلوم والحكم، تجد أن غالبَ الآثار الموجودة فيه مأخوذةٌ من كتاب (الإخلاص) لابن أبي الدنيا. فالمقصود أن كتب ابن أبي الدنيا مهمة ينبغي اقتناؤها والعناية بها.