وهذه الطريقة هي المتبعة في كثير من كتب التخريج التي يمكن أن توصف بأنها أكثر كتب التخريج إفادة، من أمثال: (التلخيص الحبير) أو (نصب الراية) أو كتب الشيخ الألباني الموسعة كـ (السلسلة الصحيحة) و (السلسلة الضعيفة) و (إرواء الغليل) وأمثالها. ومن الكتب المتقدمة التي تستخدم هذه الطريقة كتاب (العلل) للدارقطني، ويُنصح مَنْ أراد أن يتعلم طريقة سياق الطرق أن يقرأ كتاب (العلل) للدارقطني، فطريقته فيه بديعةٌ جداً، حيث يسوق الطرق والأسانيد واختلاف الرواة في الحديث الواحد فيما يقارب الصفحتين، بخلاف ما يحصل في الوقت الحاضر من المتأخرين من التطويل بشكل مملّ.
1-يجب أن يفرّق طلبة العلم بين تخريج أحاديث كتاب معيّن ضمن تحقيق هذا الكتاب، وبين أن يؤلف كتاباً في التخريج، ويكون كتاباً مستقلاً في التخريج. ففي حالة التحقيق لا يسوغ للمحقق أن يتوسع التوسع الزائد، بل يكتفي بأقل ما يُبلّغ إلى المقصود وهو الحكم على الحديث، فإذا كان الحديث في الصحيحين يُكتفى بالعزو إليهما، أو صححه إمامٌ معتبر، فيخرّجه ويحكم عليه، إلا إذا كان هناك خلافٌ فيشير إليه ويرجح باختصار. أمّا إذا كان يؤلف كتاباً مستقلاً في التخريج فإن له الحق أن يتخذ أي أسلوب من أساليب التخريج السابقة، والتوسط مطلوب دائماً.
2- الحرص على عدم إضاعة الوقت والجهد بكثرة العزو إلى مصادر كثيرة من كتب السنّة، قد يغني بعضها عن بعض، وهذا قد يدخل في قصة حمزة الكناني حينما خرّج حديثاً من مائة وجه، فرأى يحيى بن معين في المنام فقال له يحيى-في المنام-:"أخشى أن يدخل ذلك في قوله تعالى {ألهاكم التكاثر} "، خاصةً وأنّه الآن قد كثُرت الفهارس، فكثرة المصادر والمراجع لم تَعُدْ ميزاناً يُفرَّق به بين العالم والجاهل، بل الانتقاء من تلك المصادر والمراجع هو الذي يُفرَّق به بين العالم والجاهل.