فإن ثبت أن هذا الحديث تفرّد به فلان، فأنظر هل هذا الحديث مما يُحتمل أن يتفرد به هذا الراوي أم لا؟ ؛ لأن العلماء نصّوا -وعلى رأسهم ابن الصلاح،وغيره- أن من أقسام الحديث الشاذ والمنكر المردودة: تفرّد من ليس فيه من الضبط والإتقان ما يقع جابراً لتفرده. فقد يكون الراوي ثقة أو صدوقاً فيتفرد بأصل، والمقصود بالأصل: هو الحكم أو الخبر الغريب الذي لا نكاد نجده بهذا الوضع إلا في هذا الحديث، ومسألة التفرد بأصل مسألةٌ شائكةٌ، ولا يمكن لأي إنسان أن يدخل فيها، ويحكم بأن هذا الحديث أصل، وتفرّد به- وقد سبق ذكر قرائن وملاحِظِ الحكم على التفرّد -، فإذا تفرّد الثقة أو الصدوق بأصل، وكان ممن لا يحتمل التفرّد، فهذا نردّه، ونقول: لعله من أوهامه، إذ لو كان صحيحاً لتصدّى الأئمة الكبار لحفظ هذا الأصل وضبطه. ومن أمثلة ذلك: حديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه، أخرجه أبو داود بسند صحيح، ثم قال عنه: هذا حديث منكر. وبيّن العلماء سبب نكارته: أنه تفرّد به راوٍ اسمه: همّام بن يحيى، وهو ثقة من رجال الشيخين، لكن رأى أبو داود أنه لا يحتمل التفرّد بهذا الحديث، وكذلك قال النسائي عن هذا الحديث:" هذا حديث غير محفوظ "؛ والسبب في هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لبس خاتماً في آخر عمره، ولو كان النبي -صلى الله عليه وسلم-يخلعه كلما أراد الخلاء؛ لكَثُر الناقلون عنه؛ لأنها قضية متكررة في اليوم والليلة، فتفرد همّام بن يحيى بهذا الحديث عن شيخه، وشيخه عن شيخه إلى الصحابي مثيرٌ للريبة، فكيف لا يرويه إلا همّام بن يحيى في طبقة أتباع التابعين؟! ألا يرويه من الأمة أحد غيره!! ، فجعل العلماء يستنكرون بذلك الحديث، وأنه لا يصح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015