تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (الأنعام/159) وقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ} (آل عمران/105)، وهذا النوع من الاختلاف ليس هو موضوع بحثنا، وإن كان من الممكن أن يتخرج عليه كثير من الأحكام والقضايا العقدية، لأنه اختلاف منشؤه الزيغ والانحراف، والتأثر بمعطيات الأفكار الوثنية القديمة، وهو يمثل الشذوذ والخروج عن العقيدة السلفية الصحيحة، ومثل هذا ليس محل اجتهاد، ولا تدعو إليه حاجة، ولا تتوقف عليه مسيرة الأمة وتطورها ورقيها، ولا معايش الناس ومعاملاتهم وعباداتهم، ولهذا فقد اتفق أصوليو هذه الأمة – إلا من شذ منهم، وكان موضع نكير (?) - على أن المصيب فيه واحد، وأن المخطيء فيه آثم، وذلك لوضوح الأدلة، ولعدم الحاجة إلى مزيد بيان على ما أوضحه الشارع بشأنها.

فكلامنا – إذن- هو عن النوع الأول من الاختلاف المسموح بالاجتهاد فيه (?). لتوقف حياة الإنسان العملية عليه، وحاجته إلى معرفة ثمراته ونتائجه التزاماً بما شرع الله، واطمئناناً إلى أن ما يفعله المكلف إنما هو مما كلفه به الخالق – سبحانه – والبحث عن أسباب هذا الاختلاف يكشف عن أن تلك الاجتهادات لم تكن عن انحراف وزيغ، ولا عن شهوات وهوى، (وإنما عن أسباب يعذر لمثلها المخطيء ويؤجر أجراً واحداً، ويحمد المصيب ويؤجر أجرين، فضلاً من الله ورحمة) (?). على أن معرفة تلك الأسباب مما يساعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015