القاضي) (?) وتابعهم على ذلك د. محمد بن عبد اللطيف صالح الفرفور في كتابه (الوجيز في أصول الاستنباط) (?) وأهم ما انصب عليه النقد أمران: الأمر الأول في ترتيب الطبقات والأمر الثاني في توزيع الفقهاء عليها.
فبالنسبة إلى الأمر الأول لم يتضح فرق بين الطبقتين الخامسة والسادسة، وذلك لأن أصحاب الطبقة السادسة إن كانوا قادرين على التمييز بين الأقوى والقوي والضعيف وظاهر الرواية وظاهر المذهب والرواية النادرة، فهم من أصحاب الترجيح الذين عدهم ابن الكمال في الطبقة الخامسة، وفي كلامه عن الطبقة الرابعة قال عنهم: (طبقة أهل التخريج)، ولكنه في شرحه لعملهم لم يتضح فرفق بين عملهم وعمل أهل الطبقة الخامسة، إذ جعل عملهم تفصيل قول مجمل ذي وجهين، وحكم محتمل لأمرين، منقول عن صاحب المذهب، أو عن أحد أصحابه المجتهدين برأيهم ونظرهم في الأصول والمقايسة على أمثاله ونظائره من الفروع. وعلى هذا فهم من أهل الترجيح. والتخريج في استعمله لا يعني غير توجيه الاختيار أو الأخذ بأحد الوجهين. وأما الأمر الثاني فإنه وضع طائفة من فحول العلماء في مواضع لا تليق بهم، ونعتهم بالمقلدين، وقال عن بعضهم بأنهم لا يقدرون على الاجتهاد أصلاً، فمن ذلك أنه جعل الأئمة الثلاثة من تلامذة الإمام أبي حنيفة في طبقة المجتهدين في المذهب، وأنهم مقلدون في قواعد الأصول. ولم يسلموا له ذلك، بل عدوهم مجتهدين اجتهاداً مطلقاً، ونفوا أن يكونوا مقلدين له في الأصول. وقالوا: إن أريد بالأصول الأدلة الأربعة- أي الكتاب والسنة والإجماع والقياس-، فهذا لا وجه له، لأن هذه الأصول مستند كل الأئمة، وملجؤهم في أخذ الأحكام فلا يتصور مخالفة غيره له فيها، وإن أريد بها غير ذلك فلا يسلم له بأنهم لم يخالفوه، بل كان لكل واحد منهم أصول مختصة به، تفرد بها عن أبي حنيفة وخالفه فيها. ومن ذلك (إن