كلامه نفي الحكم عن المسكوت عنه، وينبني على ذلك أن لا تصح نسبة أي رأي له عن طريق المفهوم. ومن الغريب أن هذه الوجهة تتناقض مع وجهة بعض متأخري الحنفية الذين منعوا استنباط الأحكام عن طريق المفهوم المخالف في نصوص الشارع، وأجازوها في كلام الصحابة والعلماء والمصنفات وغيرها، مع إمكان الغفلة، ووجود الاحتمالات المذكورة، في كلام غير المعصوم.

والذي يظهر- والله أعلم- أن استنباط مذاهب الأئمة، عن طريق مفهوم كلامهم المخالف، فيه نوع من المجازفة، وإن كان يحتمل الصواب. ولكن إن قامت علامات وقرائن على أن القيد لم تكن له فائدة إلا نفي الحكم عما عداه، صح التخريج وصحت النسبة.

ومن أمثلة التخريج عن طريق المفهوم ما أخذ من نص الإمام أحمد- رحمه- الله- في رواية إسحاق بن منصور (?)، حيث نص على أن [كل من لم يكن له شيء يفعله في طريق المسلمين، ففعله، فأصاب شيئاً فهو ضامن. فإن المفهوم منه انتفاء الضمان بما ينشأ عن الفعل المباح] (?). وعلى الرغم من قبول كثير من العلماء مبدأ التخريج من مفاهيم نصوص الأئمة، لكننا قلما نجد لهم تصريحاً بأن ما خرجوه كان بناء على المفهوم، فالأمثلة التي هي من هذا القبيل قليلة جداً، غير أنهم في شروحهم، وعرضهم لنصوص الأئمة يذكرون أحكاماً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015