بل جواز ترك بعض الآراء والأخذ ببعضها الآخر، وذلك عند الاختلاف لا عند الاتفاق.
لمعرفة نصوص الأئمة، أي الأقوال الصادرة عنهم، طريقان (?):
الطريق الأول:
مؤلفاتهم المنسوبة إليهم، والمروية عنهم بطريق صحيح، سواء كانت كتباً، أو رسائل، كالموطأ الذي ألفه الإمام مالك، فإنه، وإن كان كتاب حديث ممحص بالسند والمتن، إلا أنه يشتمل على رأي مالك في كثير من المسائل الفقهية (?). وككتاب الأم المنسوب إلى الشافعي على ما هو الراجح في الأمر (?). وكالأمالي الكبرى والإملاء الصغير وغيرها. وكالكتب التي ألفها محمد بن الحسن الشيباني المبينة لوجهة نظره، ونظر أساتذته وزملائه، في المسائل الفقهية، وكالمنقول عن الإمام أحمد - رحمه الله -.
وهذا الطريق يُعد أفضل ما يمثل رأي الإمام، إن نقل عنه بطريق صحيح، ومثل ذلك لا إشكال في صحة نسبته إليه، سواء كان رأياً مبتدأ، أو مختاراً من آراء من سبقه (?). أما إذا كان ما يذكره نقلاً للأقوال السابقة، فهو لا يخلو إما أن ينقله مؤيداً، أو ينقله رافضاً وناقداً له، أو ينقله من دون تعليق عليه، لا بالموافقة ولا بالرفض. فما أيده مما نقله تصح نسبته إليه، وما رده ولم يقبله لا تصح نسبته إليه، وما نقله دون تعليق فهو مما يحتمل. ولهذا فلا تصح نسبته إليه قبل البحث فيما نقل عن الإمام من رأي في المسألة في