أَمَّا حُجَّتَهُمْ فَرَوُوا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجَعَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحَجِّ فَلْيَفْعَلْ وَهَذَا لَا يُعْرَفُ إِنَّمَا رُوِيَ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَبْدَأَ بِعُمْرَةٍ قَبْلَ الْحَجِّ فَلْيَفْعَلْ وَهَذَا هُوَ التَّمَتُّعُ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ فَرِيضَة الْحَج نزلت فِي خمس بِدَلِيل مَا
1214 - أَخْبَرَنَا ابْنُ الْحُصَيْنِ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ الْمُذْهِبِ أنَبْأَ أَحْمَدُ بن جَعْفَر ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ حَدثنِي أبي ثَنَا يَعْقُوب ثَنَا أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بن نفيع عَنْ كُرَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَتْ بَنُو سعد بْنِ بَكْرٍ ضَمَّامَ بْنِ ثَعْلَبَةَ وَافِدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَائِضِ الْإِسْلَامِ الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجَّ
وَقَدْ رَوَاهُ شَرِيكٌ عَنْ كُرَيْبٍ فَقَالَ فِيهِ بَعَثَتْ بَنُو سعد ضَمَّامًا فِي رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ قَالُوا وَإِذا ثَبُتَ أَنَّ الْحَجَّ قَدْ وَجَبَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ فَقَدْ أَخَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ فَدَلَّ على أَن الْوُجُوب على الراجي وَجَوَابُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ قَدْ رَوَى أَنَّ ضَمَّامًا قَدِمَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فَإِنْ صَحَّتِ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى فَعَن تَأْخِيرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الله تَعَالَى أعلم نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ حَتَّى يَحُجَّ وَكَانَ على يَقِين من الْإِدْرَاك قَالَهُ أَبُو زَيْدٍ الْحَنَفِيُّ وَالثَّانِي أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ وَقَدْ كَانَتْ خَمْسَة أعذار أَحدهَا الْفقر وَالثَّانِي الْخَوْفُ عَلَى نَفْسِهِ وَالثَّالِثُ الْخَوْفُ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ وَالرَّابِعُ أَنْ يَكُونَ رَأَى تَقْدِيمَ الْجِهَادِ وَالْخَامِسُ غَلَبَةُ الْمُشْرِكِينَ عَلَى مَكَّة وكونهم يحجون ويظهرون الشِّرْكَ وَلَا يُمْكِنُهُ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ
فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا فَكَيْفَ أَخَّرَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ بِمَنْعِ حُجَّاجِ الْمُشْرِكِينَ فَلَوْ حَجَّ لَا ختلط الْكُفَّارُ بِالْمُسْلِمِينَ فَكَانَ ذَلِكَ كَالْعُذْرِ فَلَمَّا أَمَرَ بِمَنْعِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْحَجِّ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ فِي سَنَةِ تِسْعٍ فَنَادَى أَنَّ لَا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ثُمَّ حج عِنْد زَوَال مَا يكره وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ أَخَّرَ الْحَجَّ لِئَلَّا يَقَعَ فِي غَيْرِ ذِي الْحِجَّةِ مِنْ جِهَةِ النَّسِيءِ الَّذِي كَانَت الْعَرَب تستعمله حَتَّى ندب التَّحْرِيمُ عَلَى جَمِيعِ الشُّهُورِ فَوَافَقَتْ حَجَّةُ أَبِي بَكْرٍ ذَا الْقَعْدَةِ ثُمَّ حَجَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِي الْحِجَّةِ