رَوَاهُ الصَّحَابِيَّانِ يُحْمَلُ عَلَى مَا سبق بَيَانه وأخبارنا صَرِيحَةٌ لَا تَحْتَمِلُ وَالثَّالِثُ أَنَّ أَخْبَارَكُمْ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيٍ وَكَيْفَ يُؤْخَذُ حُكْمٌ مِنْ عَدَمِ سَمَاعٍ وأخبارنا شَهَادَة على إِثْبَات والْإِثْبَات مُقَدَّمٌ كَمَا قَدَّمْنَا قَوْلَ بِلَالٍ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم الْبَيْت وَصلى وعَلى قَول أُسَامَة لم يصل و4 الرَّابِع أَن أخبارنا تَقْتَضِي الزِّيَادَة والْأَخْذ بِالزَّائِدِ أَوْلَى وَالْخَامِسُ أَنَّهُ يُمْكِنُنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ فَنَقُولُ كَانَ يَفْتَتِحُ بِالْحَمْدِ أَيْ بِالسُّورَةِ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ الْجَهْرَ مَنْ أَنْكَرَهُ وسَمعه من رَوَاهُ وأَنْتُم لَا يُمْكِنُكُمْ إِثْبَاتُ رِوَايَتِنَا إِلَّا بِإِسْقَاطِ رِوَايَتِكُمْ

وَالْجَوَابُ أَمَّا الْمَسْلَكُ الْأَوَّلُ فَإِنَّ التَّعَرُّضَ بِالطَّعْنِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ لَا وَجْهَ لَهُ لِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ عَلَى صِحَّتِهِ وَمُعَارَضَتُهُ بِمَا لَا يُقَارِبُ سَنَدَهُ فِي الصِّحَّةِ قَبِيحٌ بِمَنْ يَدَّعِي عِلْمَ النَّقْلِ

وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَلَمَةَ فَجَوَابُهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّ حَدِيثَنَا فِي الصِّحَاحِ بِخِلَافِهِ فَلَا يَقْوَى عَلَى الْمُعَارَضَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَنَسٌ نَسِيَ فِي تِلْكَ لِكِبَرِهِ وَكَمْ مِمَّنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ وَقَدْ صَرَّحَ أَنَسٌ بِمِثْلِ هَذَا فَسُئِلَ يَوْمًا عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْحَسَنِ فَسَلُوهُ فَإِنَّهُ حفظ ونَسِينَا والثَّالِث أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ السَّائِلِ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْ يَتْرُكُهَا أَصْلًا فَلَا يَكُونُ هَذَا سُؤَالًا عَنِ الْجَهْرِ بِهَا

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مُغَفِّلٍ فَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَقَيْسُ بْنُ عَبَايَةَ قَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَمَاهُ بِبِدْعَةٍ فِي دِينِهِ وَلَا كَذِبَ فِي رِوَايَتِهِ وأما ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ فَاسْمَه يَزِيدُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ

وأما المسلك الثاني وقولهم ليس ذكر الجهر في الصحيح قلنا رجاله رجال الصحيح فيلزم أن يحكم بصحته وقولهم يحتمل أنهم ما كانوا يجهرون بها كالجهر بالسورة قد ذكرنا في حديث أنس أنهم ما كانوا يذكرونها وفي حديث عائشة كان يفتتح القراءة بالحمد وقولهم هو شهادة

- وَأَمَّا الْمَسْلَكُ الثَّانِي وَقَوْلُهُمْ لَيْسَ ذِكْرُ الْجَهْرِ فِي الصَّحِيحِ قُلْنَا رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَحْكُمَ بِصِحَّتِهِ وَقَوْلُهُمْ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَجْهَرُونَ بِهَا كَالْجَهْرِ بِالسُّورَةِ قَدْ ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَذْكُرُونَهَا وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ كَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ وَقَوْلُهُمْ هُوَ شِهَادَةٌ عَلَى النَّفْيِ قُلْنَا هَذَا هُوَ فِي مَعْنَى الْإِثْبَاتِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلِأَنَسٍ عَشْرُ سِنِينَ وَمَاتَ وَلَهُ عِشْرُونَ سَنَةً فَكَيْفَ يَتَصَوَّرُ أَنْ يُصَلِّي خَلْفَهُ عَشْرَ سِنِينَ وَلَا يَسْمَعُهُ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ يَجْهَرُ ثُمَّ قَدَّرُوا وُقُوعَ هَذَا فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ وَهُوَ رَجُلٌ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَهْلٌ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ مَعَ تَقَدُّمِهِ فِي زَمَانِهِمْ وَرِوَايَتُهُ لِلْحَدِيثِ وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا فِي زَمَنِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم وكَانَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَكَانَ يَوْمَئِذٍ يَمِدُّ أَغْصَانَهَا يُظَلِّلُ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مِنَ الْبَكَّائِينَ وَبَعَثَهُ عُمَرُ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ يُفَقِّهُهُمْ وَيُؤَكِّدُ هَذَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ جَهُورِيَّ الصَّوْتِ فَلَوْ خَفِيَ مِنَ الْكُلِّ لَمْ يَخْفَ مِنْهُ وَقَوْلُهُمْ لَوْلَا سَمَاعُهُمْ مَا نَقَلُوا الْإِخْفَاتَ قُلْنَا يَحْتَمِلُ عِلْمَهُمْ بِالْإِخْفَاتِ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي قَرِيبًا مِنَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015