ثُمَّ قَدْ أَجَابَ أَصْحَابُنَا بِثَلَاثَةِ أَجْوَبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ جِبْرِيلَ إِنَّمَا أَمَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ مَا فَعَلَ بِالْمَدِينَةِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ من أمره والثَّانِي أَن أخبارنا أصح وأَكثر رُوَاةً وَالثَّالِثُ أَنَّ فِعْلَهُ لِلْمَغْرِبِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَدُلُّ على ألَا وَقْتَ لَهَا غَيْرَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ وَلَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا غَيْرَهُ وَأَمَّا أَمْرُهُ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْمَغْرِبِ فَلِأَجْلِ الْفَضِيلَةِ
فَإِنْ قَالُوا فَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ اسْوَدَّ الْأُفُقُ قُلْنَا ذَاكَ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الْحُمْرَةِ وَهُوَ أَوَّلُ الِاسْوِدَادِ