الثاني: تنزيه بتعطيل، وهم المعطلة الذين يجحدون صفات الله وينفونها بحجة تنزيه الله عن مماثلة خلقه، وهم أقسام كثيرة: منهم من يعطل الأسماء والصفات، ومنهم من يعطل الصفات دون الأسماء، ومنهم من يعطل بعض الصفات دون بعض. ومعطل الصفات عابد للعدم، ولذا قيل: المشبه يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً. وهذان المنهجان وما تفرع عنهما يجمعهما وصف جامع هو الإلحاد في أسماء الله وصفاته، وقد أمرنا الله تعالى أن نذر هذا المنهج وتوعد أهله بأشد الوعيد في قوله: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (لأعراف:180)
الممثلة يقولون في اليد: يد كأيدينا فلم يثبتوا لله يده التي تليق به، والمعطلة يقولون: يلزم من إثباتها التمثيل فلا نثبت لله يداً حقيقيةً. ولهذا "فكل معطل ممثل وكل ممثل معطل".
"كل معطل ممثل"؛ لأن تعطيله للصفات إنما قام على ساق التمثيل، فما جحد اليد إلا لأنه توهم أول الأمر أن إثباتها لله حقيقة يلزم منه التشبيه فنفى عن الله اليد، فهو لما يقرأ قوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ} (ص: من الآية75) ، لا يفهم منه إلا يد المخلوق وهذا يدفعه إلى تنزيه الله، ولا سبيل عنده إلى تنزيه الله إلا بنفي هذه اليد عن الله، وعلى هذا مضى عامة معطلة الصفات يعطلونها؛ لأنهم لا يفهمون من المضاف إلى الله إلا عين ما يرونه ويشاهدونه في