بالقرآن مخلوق" يرجع إلى قول الجهمية القائلين بخلق القرآن، ولذا قال الإمام أحمد رحمه الله وغيره: "اللفظية جهمية". أي: من قال اللفظ بالقرآن مخلوق فهو قائل بقول الجهم.
قال الإمام أحمد رحمه الله: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع"؛ لأن قوله (لفظي بالقرآن مخلوق) يحتمل أمرين أحدهما مخلوق وهو حركة اللسان والآخر غير مخلوق وهو كلام الله، وباطل أن يقال إن كلامه سبحانه مخلوقٌ.
وعندما يقول (لفظي بالقرآن مخلوق) يحتمل أيضاً أمرين أحدهما حركة اللسان وباطل أن يقال هذا غير مخلوق، والآخر المتلو المقروء وهذا غير مخلوق، ولذا كان الصواب التفصيل، فإن قصد به الملفوظ فهو كلام الله غير المخلوق، وإن أراد حركة اللسان والحنجرة وصوت العبد فهو مخلوق، فالصوت صوت القاري والكلام كلام الباري، والكلام إنما يضاف إلى من قاله ابتداءً لا إلى من قاله إبلاغاً وأداءً، ولذا قال الإمام أحمد: "القرآن كلام الله حيثما توجه" أي سواءً حفظ في الصدور، أو كتب في السطور، أو تلي بالألسن، أو سمع بالآذان.
والعلة في نهي الناظم عن قول اللفظية هي المبينة في قوله: (فإن كلام الله باللفظ يوضح) ، وهذا معنى قول أهل السنة: القرآن كلام الله ألفاظه ومعانيه ليس كلام الله اللفظ دون المعنى ولا المعنى دون اللفظ، واللفظ به يوضح المعنى، ويبين المراد، ويجلي المقصود.