الأمر الأول: أن الكلام صفة لله، فالقرآن كلام الله وليس كلام أحد من المخلوقين، وإضافته إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، بخلاف المعتزلة الذين قالوا هو من باب إضافة المخلوق إلى الخالق.
والمضافات إلى الله تعالى نوعين: مضاف إلى الله من باب إضافة الصفة إلى الموصوف مثل سمع الله وبصر الله وقدرة الله وكلام الله وعلم الله، وضابطه ما إذا كان المضاف وصفاً لا يقوم إلا بموصوف، ومضاف إلى الله من باب إضافة المخلوق إلى الخالق مثل عبد الله وأمة الله وناقة الله وبيت الله، وضابطه ما إذا كان المضاف عيناً قائماً بنفسه.
وهكذا الشأن فيما قال فيه "من الله" فقد يكون منه وصفاً، وقد يكون منه خلقاً. فقوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} (السجدة: من الآية13) . القول وصف للرب سبحانه ونعت من نعوته.
وقوله: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ} (الجاثية: من الآية13) . ما في السماوات وما في الأرض جميعاً هو من الله خلقاً وإيجاداً.
وفي هذا الباب ضل طائفتان: المعتزلة حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة خلق وإيجاد؛ ليصلوا إلى مبتغاهم وهو القول بأن كلام الله مخلوق، وغلاة الصوفية حيث جعلوا الجميع إضافته إلى الله إضافة وصف؛ ليصلوا إلى مبتغاهم وهو القول بالحلول ووحدة الوجود تعالى الله عما يصفون.
والحق وسط بين ذلك، والحاصل أن إضافة الكلام إلى الله عز وجل من باب إضافة الصفة إلى الموصوف.