التحف والظرف (صفحة 46)

ما كنت لو أحببت إلا ... من يلوم المزدري

وله تعود موافقاً ... في غيبةٍ أو محضر

وتود أن لو كنت با ... لأموال حبا تشتري

وتود لو يدخل المحبوب قلبك يا حري

فانهض إلى عشق الظبا ... في العشق أعظم مفخر

لتكون عمل به السلطان غير مظفر

هذا آخر كلامه

دموعي لحيني أعلنت بالسرائر ... ونمت على مكنون ما في الضمائر

أما والهوى ما كنت أعلم أن من ... أؤمله يصغي إلى قول زاجر

أعاذلتي والله إن معذبي ... ليعلم أني في الهوى غير صابر

إذا قلت يا سؤلي أجرني أجابني ... وكنت من البلوى إلى غير ناصر

ثنائي عليه كل يومٍ مجدد ... ويظهر لي أني له غير شاكر

فماذا عليه لو أجاب متيماً ... ففي ذاك أحرٌ عند أهل البصائر

إذا أنا أحسنت الثناء يقول لي ... أظنك يا هذا مجيرٌ أم عامر

فويلاه مما قالي أن قوله ... يدل على إتيانه للكبائر

غدا مثل إبليس العين مفندي ... يقول دع الشكوى حكومة جائر

فما باله في كل يومٍ وليلةٍ ... يلوم وطول اللوم ليس بضائر

فيا لائمي ماذا تقول لمدنفٍ ... له قلب محزونٍ وفعله ساحر

نلوم وما سيتوجب اللوم من بكا ... على من سباه باللحاظ الفواتر

يجوز لإنسانٍ يعنف مدنفاً ... لطول بكاه بالدموع الهوامر

إذا قيل للمحزون كف عن البكا ... آهاً مصونات الدموع البوادر

ومن ذلك:

دع ملامي يا عاذلي دع ملامي ... حسب قلبي صبابتي وغرامي

كيف صبري وكلما مطر الد ... مع على وجنتي يزيد هيامي

لهف نفسي على مطيرة بغدا ... د وأنسي بها وطيب مقامي

عين يا عين أنقطي لا تسحي ... إن في السح منك كشف اكتتامي

ليت حظي قطيرة من وصال ... من خيالٍ يزورني في المنام

ومن ذلك:

لو قد شهدت الصب عند فراق من ... يهوى ولوعة قلبه يتزايد

وكأنه رجلٌ على جمر الغضا ... يبكي ويلطم خده ويعدد

يبكي على ما فات من زمن الصبا ... واللهو غضٌ والهوى يتجدد

تركوه إذ دخل المشيب برأسه ... فرد أو ولو عنه وهو مشرد

فتراه في أحواله متحير ... وبقلبه نار الأسى تتوقد

ابدا تراه برأس أعلى حائط ... في الحي ينظر من إليه يقصد

عذلوه في هذا فقال مجيبهم ... أخشى رسولاً بالجفا يتوعد

بالله أشهد أن كل متيمٍ ... أحشاؤه من وجده ما تبرد

وعزيزةٌ في الحسن أعلم أنها ... تعنو لها شمس النهار وتسجد

عدلت على دنفي وفيه لعمرها ... تلغي فيا ويلاه كم اتجلد

قد كنت قبل البين أخضع تارةً ... للعاذلين وتارةً أتودد

يا أيها العذال إن بمهجتي ... حرقٌ يشيب لها الغلام الأمرد

إن رمت أن بمهجتي السلو بمهجتي ... هدمته نيرانٌ بها ما تخمد

ومن ذلك:

أصابك الحساد بالعين ... فسوأتني بالهجر والبين

فأي شيءٍ يا مداهمتي ... أشد من تفريق الفين

يا لائمي لا تلحني في البكا ... فالبين أجرى أدمع العين

دعني فقد والله يا لائمي ... بدلت بعد الزين بالشين

أضنى ولا أظهر ما نالني ... كأنني بين رقيبين

مشوي الحشى والقلب من لوعة ... فمهجتي بين حريقين

قولي لمن لام على لوعتي ... وأدمعي تجري بسمحين

دعني فقد والله يا لائمي ... أبرمتني بالزور والمين

ومن ذلك:

أما لك علمٌ أنني بك مدنفٌ ... وأن دموعي للصبابة تذرف

لقد..... العيش غدوة ... لعلمي بأني ليس لي منك منصف

فكم وله يعتادني وتأسف ... فقد صرت صباً بالصبابة أعرف

إذا فاض دمعي يا أخي ذبت حسرة=وإن غاض أضناني فكم أنا مدنف

فثغرك ذاك اللؤلؤي أذابني ... وريقك يا سؤلي الذي هو قرقف

فكن لي مجيراً يا سروري فإنني ... مشوق معنى قد براني التلهف

فوصلك يا سؤلي سروري وبغيتي ... وهجرك يا سؤلي لعبدك متلف

أجارك رب الناس من مثل حالتي ... وعافاك من ضري وما أتخوف

فوصلك لي بعد التهاجر جنة ... وقربك يا سؤلي سرور مؤلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015