مذهب السلف، على أني كنت قبل ذلك عليه، ولكن أردت أن أزداد منه بصيرة وبه شغفا، وقلت عند ذلك في تلك المذاهب:
وغاية ما حصلته من مباحثي ... ومن نظري من بعد طول التدبر
هو الوقف ما بين الطريقين حيرة ... فما علم من لم يلق غير التحير
على أنني قد خضت منه غماره ... وما قنعت نفسي بغير التبحر
وأما الكلمة وهي (ليس كمثله شيء) فبها يستفاد نفي المماثلة في كل شيء، فيدفع بهذه الآية في وجه المجسمة وتعرف به الكلام عند وصفه سبحانه بالسميع البصير، وعند ذكر السمع والبصر واليد والاستواء ونحو ذلك مما اشتمل عليه الكتاب والسنة فتقرر بذلك الإثبات لتلك الصفات، لا على وجه المماثلة والمشابهة للمخلوقات فيدفع به جانبي الإفراط والتفريط، وهما المبالغة في الإثبات المفضية إلى التجسيم والمبالغة في النفي المفضية إلى التعطيل. فيخرج من بين الجانبين
وغلو الطرفين أحقية مذهب السلف الصالح، وهو قولهم بإثبات ما أثبته لنفسه من