إن الرقى أخص من التعوذ، وإلا فالخلاف في الرقى مشهور، ولا خلاف في مشروعية الفزع إلى الله تعالى والالتجاء إليه في كل ما وقع وما يتوقع] (?) ، ويتحصل مما سبق أن الرقية هي أعم من التعوذ من حيث وقت وقوعها، لكنها أخص منه من حيث مشروعيتها بضوابط - سبق تفصيل لها (?) -، وأن بعضها منهي عنه، لكونه حوى شركًا، أو ما يحتمل الشرك، بينما يكون التعوّذ مشروعاً مستحباً في جميع الأوقات، فهو إن أطلق لفظه، انصرف إلى معنى التعوذ بالله تعالى والالتجاء إليه، لذا فلا خلاف في استحبابه بحال. لكن يبقى - بعد ذلك - أن الأغلب من أقوال العلماء - من أهل اللغة والحديث والفقه -يقضي بعدم التفريق بينهما، وعلى أن الرقية والتعويذ هما صنوان مترادفان، والله أعلم.

المسألة السادسة: في ذكر معانٍ لطيفة، وحكم بالغة، في اعتبار فاتحة الكتاب، والمعوّذات، أمهات الرقى المشروعة، وأنه - لجلالتها - لو اقتُصِر عليها لكفى.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع، فما الظن بكلام رب العالمين، ثم بالفاتحة: التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها، لتضمنها جميع معاني الكتاب، فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله تعالى ومجامعها، وإثبات المعاد، وذكر التوحيد، والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة والهداية منه، وذكر أفضل الدعاء، وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفة الله وتوحيده وعبادته، بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه، ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى: مُنْعَمٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015