السنة الشيء الكثير، ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمر بن الخطاب لما سأله عن قبلة الصائم: "أرأيتَ لو تمضمضت بماء ثم مججته أكنت شاربه" (?). وكذلك قوله للخثعميَّة لما سألته عن قضاء الحج عن الميت "أرأيتِ إن كان على أبيك دينٌ فقضيته أكان يجزئ. فقالت: نعم. قال: فدين الله أحق بالقضاء" (?).

ولم يكتف الرسول-صلى الله عليه وسلم- بأنه اجتهد ليعلمهم ذلك، بل أمرهم بذلك ودرّبهم عليه ومن ذلك حديث معاذ المشهور (?) عندما أرسله قاضيًا لليمن.

وزاد على ذلك أنَّه حثّهم عليه، ورغّبهم فيه لعلمه صلوات الله وسلامه عليه أنَّه سيجدُّ للنَّاس أقضية بعد أن يلحق بربه تحتاج إلى أحكام. ولا وحي بعد وفاته، فلا بد أن يطمئن قبل أن يلحق بالرفيق الأعلى على أن ما خلفه من تراثٍ كافٍ لسد كل ما تحتاجه أمته من أحكام، ولهذا أطلقها صراحةً واطمأن على ذلك حيث قال: "تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلَّا هالك". وقال: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وعترتي" (?). وقد روى عمرو بن العاص رضي الله عنه أنَّه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر" (?). وهذا حث على الاجتهاد ليس بعده حث، حيث رتّب على الاجتهاد الخطأ أجر فإذن كانت مصادر التشريع في عهد رسول الله-صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015