ثم توجهت به الركائب إلى ملطية من بلاد الروم، حيث لقي التجلة والاحترام من حاكمها حينذاك علاء الدين كيقباذ السلجوقيِ، الذي تولى الحكم سنة 615 هـ ثم هجرها بعد أن أقام فيها فترةً ملازمًا لأوحد الدين الكرماني (?)، ثم توجه لدمشق حيث كما يبدو أنَّه استقر فيها فترةً من الزمن،
وألف فيها كتابه التحصيل، وبعض مؤلفاته الأخرى ثم توجه إلى مصر في أواخر عام 647 هـ، حيث تشرف بمقابلة السلطان الملك غياث الدين توران شاه ابن الصالح نجم الدين أَيُّوب آخر من حكم مصر من الأكراد، وكان برفقة سلطان العلماء آنذاك، عز الدين بن عبد السلام المتوفى سنة 660 هـ، ثم استقر به المطاف في عاصمة الروم السلاجقة أعظم مدن الروم آنذاك، فاشتغل بالقضاء حتَّى أصبح قاضي القضاة.
ورغم هذا التجوال في البلاد واضطراب الأحوال واشتغاله بالقضاء، وكل هذه عوامل تحول بينه وبين التأليف والتصنيف، فقد خلَّف تراثًا ضخمًا في شتى العلوم والفنون، وربما لم يصل إلينا كاملًا، كما حدث لكثيرٍ من العلماء الذين ذهبت مصنفاتهم أدراج الرياح وحتى هو نفسه، فقد عثرنا له على ثلاثة مصنفات لم يرد لها ذكر في فهارس المصنفات، وخاصة أنَّه يجيد اللغتين الفارسية والعربية، وقد صنف بعض كتبه بالفارسية وقد طبع له بالفارسية "لطائف الحكمة" الكتاب العظيم الذي طبع حديثًا في إيران.
فالقاضيِ -رحمه الله- قد شارك في شتى الفنون والعلوم، ولكن كان له القدح المعلى في علم المنطق وعلم الحكمة فما إِن أراد طاش كبري (?) زادة في كتابه مفتاح السعادة (?). أن يكشف لنا النقاب عن غرر فن المنطق