وكان يدري فن الحكمة والمنطق والطبيعي والإلهي. وكذلك الطب ويعرف فنون الرياضة من إقليدس والهيئة والمخروطات والمتوسطات والمجسطي (وهي لفظة يونانية معناها بالعربية: الترتيب) وأنواع الحساب المفتوح منه، والجبر والمقابلة والأرتماطيقي وطريق الخطابين، والموسيقى والمساحة معرفة لا يشاركه فيها غيره، إلَّا في ظواهر هذه العلوم دون دقائقها والوقوف على حقائقها. وبالجملة فلقد كان كما قال الشاعر:

وكان من العلوم بحيث يقضى ... له في كل علمٍ بالجميع

واستخرج في علم الأوفاق طرقاً لم يهتد إليها أحد، وكان يبحث في العربية والتصريف بحثاً تاماً مستوفى، حتى أنه كان يقرئ كتاب سيبويه والإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي والمفصل للزمخشري (?). وكان له في التفسير والحديث وأسماء الرجال وما يتعلق به يد جيدة، وكان يحفظ من

التواريخ وأيام العرب ووقائعهم والأشعار والمحاضرات شيئاً كثيراً.

وكان أهل الذمة يقرؤون عليه التوراة والإنجيل، ويشرح لهم هذين الكتابين شرحاً يعترفون أنهم لا يجدون من يوضحهما لهم مثله. وكان في كل فنٍ من هذه الفنون، كأنه لا يعرف سواه لقوته فيه. وبالجملة: فإن مجموع ما كان يعلمه من الفنون لم نسمع عن أحد ممن تقدمه أنه كان قد جمعه.

ولقد جاءنا الشيخ أثير الدين المفضل (?) بن عمر بن المفضل الأبهري،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015