فهمه ورجاحةِ عقله. ولذا سيكون الكلام عن علومه موزعاً على شتى العلوم التي برع فيها وخاض غمارها. فالقاضي الأرموي- رحمه الله-: منطقي حكيم جدلي أصولي فقيه، متكلم شاعر مفسر ولذلك سنقسم الحديث عن علومه إلى خمسة أقسام:
1 - القاضي سراج الدين الأرموي المنطقي الحكيم الجدلي:
عاش القاضي الأرموي في عصرٍ غلبت عليه العلوم العقلية وخاصة في بلاد المشرق، فلذا كان لابد له أن يتسلح بسلاح العلم بها. وقد قامت طائفة أخرى في نفس العصر تعادي هذه العلوم وترمي أهلها بالزيغ والضلال والانحراف، ولذا قال الناظم يصف رأي علماء عصره في المنطق بقوله:
ابن الصلاح والنواوي حرما ... وقال قوم ينبغي أن يعلما
وفعلاً رمي جهابذة علماء ذلك العصر بالانحراف لغلبة العلوم العقلية عليهم وكانوا ينسبون من تكلم بتلك العلوم إلى فساد الاعتقاد، وقد رمي فيمن رمي بذلك علامة الموصل وشيخ القاضي الأرموي كمال الدين موسى بن يونس- رحمه الله- قال الناظم:
وأعطيته صهباء من فيه مزجها ... كرقة شعري أو كدين ابن يونس
وكان بعض الأفاضل يطلبون هذه العلوم سراً خوفاً من أن يظن فيهم العوام فساد الاعتقاد، ويقذفونهم بما يطعن في دينهم. ومن ذلك ما حدث لعلّامة الحديث في ذلك العصر عثمان أبي عمرو بن الصلاح الشهرزوري، حيث حاول سراً دراسة علم المنطق على الشيخ كمال الدين بن يونس، ولكنه
أظلم قلبه فلم يفتح الله عليه بشيء ونصحه العلاّمة كمال الدين بن يونس بعدم دراسة هذا الفن لكي لا تفسد عقائد الناس فيه.
ومع هذا فإن القاضي سراج الدين الأرموي- رحمه الله- لم أجد لفظةً واحدةً من الغمز أو اللمز أو الطعن في دينه لا من أقرانه ولا من مخالفيه في