وهو أجل كتب الأصول، والذي بين أيدينا مختصره ويبلغ أربعة مجلدات، ويحكى أن أصله كان في إثني عشر مجلداً) ثم انتهت الكتب المصنفة على هذه الطريقة إلى أربعة كتب.
قال ابن خلدون في تاريخه (?): (وعنى الناس بطريقة المتكلمين فكان من أحسن ما كتب فيه المتكلمون: كتاب البرهان لِإمام الحرمين والمستصفى للغزالي، وهما من الأشعرية وكتاب العمد للقاضي عبد الجبار بن أحمد، وشرحه المعتمد لأبي الحسين البصري، وهما من المعتزلة. وكان الأربعة قواعد هذا الفن وأركانه. ثم لخص هذه الكتب الأربعة فحلان من المتكلمين المتأخرين، وهما الإمام فخر الدين بن الخطيب في كتاب المحصول وسيف الدين الآمدي في كتاب الأحكام، واختلفت طرائقهما بين التحقيق
والحجاج، فابن الخطيب أميل للاستكثار من الأدلة والاحتجاج- والآمدي مولع بتحقيق المذاهب وتفريع المسائل).
وأما جمال الدين الأسنوي (?): فقد قال: (والمحصول استمداده من كتابين لا يكاد يخرج عنهما غالباً. أحدهما: المستصفى لحجة الإسلام الغزالي، والثاني: المعتمد لأبي الحسين البصري. حتى رأيته ينقل منهما
الصفحة أو قريباً منها بلفظها وسببه على ما قيل: إنه كان يحفظهما).
ويظهر مما نقلناه عن العلامة ابن خلدون في تاريخه والإمام جمال الدين الأسنوي في نهاية السول: أن علم الأصول على طريقة المتكلمين، قد انتهى في القرن السادس وأوائل السابع الى الِإمامين فخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي ومعظم من كتب في القرن السابع لم يخرج عن إطارهما، فهم ما بين مختصرٍ لكتابيهما أو شارح أو معلقٍ عليهما، ولقد كانت العناية بكتاب فخر الدين الرازي أشد. وسنذكر في فصل من اشتغل بكتاب المحصول مزيداً من البيان، ولعل ما رمي به سيف الدين الآمدي كان سبباً في تنفير الناس عن كتابه في ذلك الوقت، وهو في الحقيقة لا يقل فائدةً عن كتاب فخر الدين الرازي.