مسألة: شكر المنعم لا يجب عقلاً خلافاً للمعتزلة (?).
لنا قوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (?)، ولأنه لا يجوز أن يجب لا لفائدة لكونه عبثاً. ولا لفائدة تعود إلى الله تعالى لتنزهه عنها. ولا إلى العبد لأنها إما جلب منفعةٍ. وهو غير واجبٍ عقلاً. فالمفضي إليه أولى. ولأن أداء الواجب لا يقتضي غيره. ولأن توسيطً الشكر يكون عبثاً لإِمكان إيقاعه بجميع المنافع بدونه وإما دفع مضرّة إما عاجلة- والمضرّة العاجلة لا تدفع مضرّة عاجلة- وإما آجلة. وأنه تعالى لا يضرّه الكفر ولا يسرّه الشكر، فلا نقطع بها. بل يحتمل العقاب على الشكر (?). لأنه تصرف في ملك الغير بدون إذنه بلا ضرورة، ومجازاة للمولى (?) على نعمه وشكر لنعمه التي (?) هي بالنسبة إلى خزانة الله أقل من كسرة خبز (?) بالنسبة إلى خزانة ملك، ولأنه قد لا يليق به تعالى.
فإن قيل: لِمَ لا يجوز أن يجب لدفع ضررٍ عاجل وهو خوف العقاب على الترك، فإنه (?) راجح على خوف العقاب على الفعل: إذ فاعل الشكر أحسن حالاً من تارِكه.
ثم ما ذكرتم ينفي الوجوب الشرعي أيضاً (?). وهو (?) في مقابلة ما تقرر في بداية العقول من وجوب شكر المنعم. ثم نقول الشكر طريق آمن فاقتضى العقل وجوب سلوكه. ولأنه لو لم يجب عقلاً لما وجب النظر في المعجزة أيضاً عقلاً إذ لا فرق بينهما وأنه يفضي إلى إفحام الأنبياء. إذ المكلف يقول