ولقائل أن يقول: وجوب الشيء بشرط غيره لا ينافي إمكانه وقدرة الغير عليه، وإلَّا لزم نفي قدرة الله تعالى. فإن قلت الفرق أن مرجح فاعليته تعالى يحصل (?) باختياره. قلت (?): فالكلام في فاعليته لذلك المرجح كما في الأول فلزم (?) التسلسل في أفعاله تعالى أو الاعتراف بالمنع المذكور.
ادّعى الخصم العلم الضروري بقبح الكذب الضار، وزعم أنه لا يستفاد من الشرع لحصوله لمنكريه، وأن المقتضي لقبحه (?) كونه كذلك بالدوران. ومنهم مَن استدل بأوجه:
أ- المختص بالوجوب لو لم يختص بما يقتضيه (?) لترجح أحد الجائزين على الآخر بلا مرجع.
ب- لو حسن من الله كل شيء لحسن منه أظهار المعجزة على يد الكاذب والتبس النبي بالمتنبي.
جـ - ولحسن منه الكذب فلم يعتمد على أخباره.
د- العاقل يختار الصدق على الكذب إذا استويا فدلّ على أن كونه صدقاً يقتضي حسنه.
هـ- ما لا يعلم قبل الشرع لا يرد به الشرع.
والجواب (?): المعلوم بالضرورة الحسن والقبح بمعنى الملاءمة والمنافرة. ولا يقال: الظلم ملائم لطبع (?) الظالم، ولا ينفر الطبع عن خطاب الجماد، وإنشاد قصيدة غراء في شتم الملائكة والأنبياء بصوت طيب مع العلم الضروري بقبحه لأن الظلم لولاه من طبع الظالم لما دفع (?) عن نفسه.