بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ «سُورَةَ التَّغَابُنِ» ، وَلَا تُعْرَفُ بِغَيْرِ هَذَا الِاسْمِ وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهَا بِذَلِكَ فِي خَبَرٍ مَأْثُورٍ عَنْ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِوَى مَا
ذَكَرَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ الثَّعْلَبِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا وَفِي تَشَابِيكٍ مَكْتُوبٌ خَمْسُ آيَاتٍ فَاتِحَةُ سُورَةِ التَّغَابُنِ»
. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُنْتَهَى هَذِهِ الْآيَاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [التغابن:
4] فَتَأَمَّلْهُ. وَرَوَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَلَمْ يَنْسِبْهُ إِلَى التَّعْلِيقِ فَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ.
وَوَجْهُ التَّسْمِيَةِ وُقُوعُ لفظ التَّغابُنِ [التَّغَابُنِ: 9] فِيهَا وَلَمْ يَقَعْ فِي غَيْرِهَا مِنَ الْقُرْآنِ.
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَعَنِ الضَّحَّاكِ هِيَ مَكِّيَّةٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي رِجَالٍ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَرَادُوا الْهِجْرَةَ فَأَبَى أَزْوَاجُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ أَنْ يَدَعُوهُمْ يَأْتُونَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» الْحَدِيثَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَوْفٍ الْأَشْجَعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي.
وَهِيَ مَعْدُودَةٌ السَّابِعَةُ وَالْمِائَةُ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الْجُمُعَةِ وَقَبْلَ سُورَةِ الصَّفِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ.
وَعدد آيها ثَمَانِي عَشْرَةَ.