وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْجُمْلَةُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِي الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ: رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ.

وَمَعْنَاهُ أَنَّ حُسْنَ صُوَرِهِمْ لَا نَفْعَ فِيهِ لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا لِلْمُسْلِمِينَ.

وخُشُبٌ بِضَمِّ الْخَاءِ وَضَمِّ الشِّينِ جَمْعُ خَشَبَةٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الشِّينِ وَهُوَ جَمْعٌ نَادِرٌ لَمْ يُحْفَظْ إِلَّا فِي ثَمَرَةٍ، وَقِيلَ: ثُمُرٌ جَمْعُ ثِمَارٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ فَيَكُونُ ثُمُرٌ جَمْعَ جَمْعٍ. فَيَكُونُ خُشُبٌ عَلَى مِثَالِ جَمْعِ الْجَمْعِ وَإِنَّ لم يسمع مفرده. وَيُقَالُ: خُشْبٌ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَهُوَ جَمْعُ خَشَبَةٍ لَا مَحَالَةَ، مِثْلَ: بُدْنٌ جَمْعُ بَدَنَةٍ.

وَقَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِضَمَّتَيْنِ. وَقَرَأَهُ قُنْبُلُ عَنِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَالْكِسَائِيِّ وَيَعْقُوبَ بِضَمَّةٍ فَسُكُونٍ.

وَالْمُسَنَّدَةُ الَّتِي سُنِّدَتْ إِلَى حَائِطٍ أَوْ نَحْوِهِ، أَيْ أُمِيلَتْ إِلَيْهِ فَهِيَ غَلِيظَةٌ طَوِيلَةٌ قَوِيَّةٌ لَكِنَّهَا غَيْرُ مُنْتَفَعٍ بِهَا فِي سَقْفٍ وَلَا مَشْدُودٍ بِهَا جِدَارٌ. شُبِّهُوا بِالْخُشُبِ الْمُسَنَّدَةِ تَشْبِيهَ التَّمْثِيلِ فِي حُسْنِ الْمَرْأَى وَعَدَمِ الْجَدْوَى، أُفِيدَ بِهَا أَنَّ أَجْسَامَهُمُ الْمُعْجَبَ بِهَا وَمَقَالَهُمُ الْمُصْغَى إِلَيْهِ خَالِيَانِ عَنِ النَّفْعِ كَخُلُوِّ الْخُشُبِ الْمُسَنَّدَةِ عَنِ الْفَائِدَةِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ حَسِبْتُمُوهُمْ أَرْبَابَ لُبٍّ وَشَجَاعَةٍ وَعِلْمٍ وَدِرَايَةٍ. وَإِذَا اخْتَبَرْتُمُوهُمْ وَجَدْتُمُوهُمْ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَلَا تَحْتَفِلُوا بِهِمْ.

يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ.

هَذِهِ الْجُمْلَةُ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْبَعْضِ مِنْ مَضْمُونِ جُمْلَةِ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ، أَيْ مِنْ مُخَالَفَةِ بَاطِنِهِمُ الْمُشَوَّهِ لِلظَّاهِرِ الْمُمَوَّهِ، أَيْ هُمْ أَهْلُ جُبْنٍ فِي صُورَةِ شُجْعَانَ.

وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا فَضَحَتْهُ هَذِهِ السُّورَةُ مِنْ دَخَائِلِهِمْ وَمَطَاوِي نُفُوسِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَاتِ السَّابِقَةِ وَإِنِ اخْتَلَفَتْ مَوَاقِعُهَا مِنْ تَفَنُّنِ أَسَالِيبِ النَّظْمِ، فَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَسْرَارِهِمْ.

وَالصَّيْحَةُ: الْمَرَّةُ مِنَ الصِّيَاحِ، أَيْ هُمْ لِسُوءِ مَا يُضْمِرُونَهُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنَ الْعَدَاوَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015