إِنَّ الَّذِينَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكُمْ ... يَشْفِي غَلِيلَ صُدُورِهِمْ أَنْ تُصْرَعُوا

وَأَطْلَقَ الْفِرَارَ عَلَى شِدَّةِ الْحَذَرِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ.

وَاقْتَرَانُ خَبَرِ (إِنَّ) بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ لِأَنَّ اسْمَ (إِنَّ) نُعِتَ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ وَالْمَوْصُولُ كَثِيرًا مَا يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الشَّرْطِ فَعُومِلَ اسْمُ (إِنَّ) الْمَنْعُوتُ بِالْمَوْصُولِ مُعَامَلَةَ نَعْتِهِ.

وَإِعَادَةُ (إِنَّ) الْأُولَى لِزِيَادَةِ التَّأْكِيدِ كَقَوْلِ جَرِيرِ:

إِنَّ الْخَلِيفَةَ إِنَّ اللَّهَ سَرْبَلَهُ ... سِرْبَالَ ملك بِهِ تزجى الْخَوَاتِيمُ

وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا فِي سُورَةِ الْكَهْفِ [30] . وَفِي سُورَةِ الْحَجِّ أَيْضًا.

وَالْإِنْبَاءُ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ كِنَايَةٌ عَنِ الْحِسَابِ عَلَيْهِ، وَهُوَ تَعْرِيض بالوعيد.

[9، 10]

[سُورَة الْجُمُعَة (62) : الْآيَات 9 إِلَى 10]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10)

هَذِهِ الْآيَاتُ هِيَ الْمَقْصُودُ مِنَ السُّورَةِ وَمَا قَبْلَهَا مُقَدِّمَاتٌ وَتَوْطِئَاتٌ لَهَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا حَكَاهُ «الْكَشَّافُ» مِنْ أَنَّ الْيَهُودَ افْتَخَرُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالسَّبْتِ فَشَرَعَ اللَّهُ

لِلْمُسْلِمِينَ الْجُمُعَةَ. فَهَذَا وَجْهُ اتِّصَالِ هَذِهِ الْآيَةِ بِالْآيَاتِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَهَا فَكُنَّ لِهَذِهِ الْآيَةِ تَمْهِيدًا وَتَوْطِئَةً. اللَّام فِي قَوْلِهِ: لِلصَّلاةِ لَامُ التَّعْلِيلِ، أَيْ نَادَى مُنَادٍ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَعَلِمَ أَنَّ النِّدَاءَ هُنَا هُوَ أَذَانُ الصَّلَاةِ.

وَالْجُمُعَةُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَضَمِّ الْمِيمِ فِي لُغَةِ جُمْهُورِ الْعَرَبِ وَهُوَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَبَنُو عَقِيلِ بِسُكُونِ الْمِيمِ.

وَالتَّعْرِيفُ فِي الصَّلَاةِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ وَهِيَ الصَّلَاةُ الْمَعْرُوفَةُ الْخَاصَّةُ بِيَوْمِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015