سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «مَا كُنَّا نَقِيلُ وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْدَ الْجُمُعَةِ» . فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ «الْجُمُعَةِ» الَّذِي فِي اسْمِ هَذِهِ السُّورَةِ مَعْنِيًّا بِهِ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ السُّورَةِ أَحْكَامًا لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِوُقُوعِ لَفْظِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي السُّورَةِ فِي آيَةِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ.
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ.
وَيَظْهَرُ أَنَّهَا نَزَلَتْ سَنَةَ سِتٍّ وَهِيَ سَنَةُ خَيْبَرَ، فَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ آنِفًا «أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَسْلَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ» .
وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا نَزَلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَتَكُونُ قَضِيَّةُ وُرُودِ الْعِيرِ مِنَ الشَّامِ هِيَ سَبَبُ نُزُولِ السُّورَةِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ ذَلِكَ.
وَكَانَ فَرْضُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مُتَقَدِّمًا عَلَى وَقت نزُول هَذِه السُّورَةِ فَإِن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَضَهَا فِي خُطْبَةٍ خَطَبَ بِهَا لِلنَّاسِ وَصَلَّاهَا فِي أَوَّلِ يَوْمِ جُمُعَةٍ بَعْدَ يَوْمِ الْهِجْرَةِ فِي دَارٍ لِبَنِي سَالِمِ بْنِ عَوْفٍ. وَثَبَتَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ صَلَّوْهَا قَبْلَ قُدُومِ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَمَا سَيَأْتِي. فَكَانَ فَرْضُهَا ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ قَوْلًا وَفِعْلًا. وَمَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ قَوْلِهِ: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الْجُمُعَة: 9] وَرَدَ مَوْرِدَ التَّأْكِيدِ لِحُضُورِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَتَرْكِ الْبَيْعِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنَ الِانْصِرَافِ عِنْدَ الصَّلَاةِ قَبْلَ تَمَامِهَا كَمَا سَيَأْتِي.
وَقَدْ عُدَّتْ هَذِهِ السُّورَةُ السَّادِسَةُ بَعْدَ الْمِائَةِ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ التَّحْرِيمِ وَقَبْلَ سُورَةِ التَّغَابُنِ.
وَظَاهِرُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ أُنْزِلَتْ دُفْعَةً وَاحِدَةً غَيْرُ مُنَجِّمَةٍ.
وَعُدَّتْ آيُهَا إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً بِاتِّفَاقِ الْعَادِّينَ مِنْ قُرَّاءِ الْأَمْصَار.
أَوَّلُ أَغْرَاضِهَا مَا نَزَلَتْ لِأَجْلِهِ وَهُوَ التَّحْذِيرُ مِنَ التَّخَلُّفِ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ