قُلْتُهُ» (وَمَعْنَى «بِاسْمِي» أَيْ بِصِفَةِ الرِّسَالَةِ) لَا أَتَكَلَّمُ مَعَكُمْ كَثِيرًا لِأَنَّ رَئِيسَ هَذَا الْعَالِمِ يَأْتِي وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٍ وَلَكِنْ لِيَفْهَمَ الْعَالِمُ أَنِّي أُحِبُّ الْأَبَ وَكَمَا أَوْصَانِي الْأَبُ أَفْعَلُ» .
وَفِي الْإِصْحَاحِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْهُ «وَمَتَى جَاءَ الْفَارْقَلِيطُ (?) الَّذِي سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الْأَبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الْأَبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي» .
وَفِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ إِثْبَاتٌ أَنَّ هَذَا الرَّسُولَ الْمُبَشَّرَ بِهِ تَعُمُّ رِسَالَتُهُ جَمِيعَ الْأُمَمِ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ، وَأَنَّهُ الْخَاتَمُ، وَأَنَّ لِشَرِيعَتِهِ مُلْكًا لِقَوْلِ إِنْجِيلِ مَتَّى «هُوَ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ» وَالْمَلَكُوتُ هُوَ الْمَلِكُ، وَأَنَّ تَعَالِيمَهُ تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ الْعَارِضَةِ لِلنَّاسِ، أَيْ شَرِيعَتُهُ تَتَعَلَّقُ أَحْكَامُهَا بِجَمِيعِ الْأَحْوَالِ الْبَشَرِيَّةِ، وَجَمِيعُهَا مِمَّا تَشْمَلُهُ الْكَلِمَةُ الَّتِي جَاءَتْ عَلَى لِسَانِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهِيَ كَلِمَةُ اسْمُهُ أَحْمَدُ فَكَانَتْ مِنَ الرُّمُوزِ الْإِلَهِيَّةِ وَلِكَوْنِهَا مُرَادَةً لِذَلِكَ ذَكَرَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ تَذْكِيرًا وَإِعْلَانًا.
وَذِكْرُ الْقُرْآنِ تَبْشِيرَ عِيسَى بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلَاة والسّلام إدماج فِي خِلَالِ الْمَقْصُودِ
الَّذِي هُوَ تَنْظِيرُ مَا أُوذِيَ بِهِ مُوسَى مِنْ قَوْمِهِ وَمَا أُوذِيَ بِهِ عِيسَى مِنْ قَوْمِهِ إِدْمَاجًا يُؤَيِّدُ بِهِ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُثَبِّتُ فُؤَادَهُ وَيَزِيدُهُ تَسْلِيَةً. وَفِيهَا تَخَلُّصٌ إِلَى أَنَّ مَا لَقِيَهُ مِنْ قَوْمِهِ نَظِيرُ مَا لَقِيَهُ عِيسَى مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.
وَقَوْلُهُ: فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ هُوَ مَنَاطُ الْأَذَى.
فَإِنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنْ يَعُودَ ضَمِيرُ الرَّفْعِ فِي قَوْلِهِ: جاءَهُمْ إِلَى عِيسَى، وَأَنْ يَعُودَ