زَوْجِهَا صَيْفِيِّ بْنِ الرَّاهِبِ أَوْ مُسَافِرٍ الْمَخْزُومِيِّ، وَجَاءَتْ أُمَيْمَةُ بِنْتُ بِشْرٍ هَارِبَةً مِنْ زَوْجِهَا ثَابِتِ بْنِ الشِّمْرَاخِ وَقِيلَ: حسان بن الدحداحة. وَطَلَبَهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ فَجَاءَ بَعْضُهُمْ إِلَى الْمَدِينَةِ جَاءَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الْأَسْلَمِيَةِ يَطْلُبُ رَدَّهَا إِلَيْهِ وَقَالَ: إِنَّ طِينَةَ الْكِتَابِ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكِ لَمْ تَجِفَّ بَعْدُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَأبى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّ وَاحِدَةً إِلَيْهِمْ وَبَقِيَتْ بِالْمَدِينَةِ فَتَزَوَّجَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَ عُقْبَةَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ. وَتزَوج سبيعة عمر رَضِي الله عَنهُ (?) وَتَزَوَّجَ أُمَيْمَةَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ (?) .

وَجَاءَتْ زَيْنَبُ بنت النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْلِمَةً وَلَحِقَ بِهَا زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بَعْدَ سِنِينَ مُشْرِكًا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْمَدِينَةِ فَردهَا النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِ.

وَقَدِ اخْتُلِفَ: هَلْ كَانَ النَّهْيُ فِي شَأْنِ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ أَنْ يَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ نَسْخًا لما تضمنته شَرط الصُّلْحِ الَّذِي بَين النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَين الْمُشْرِكِينَ أَوْ كَانَ الصُّلْحُ غَيْرَ مُصَرَّحٍ فِيهِ بِإِرْجَاعِ النِّسَاءِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ صِيغَةٌ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ فَاعْتُبِرَ مُجْمَلًا وَكَانَ النَّهْيُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانًا لِذَلِكَ الْمُجْمَلُ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الصُّلْحَ صُرِّحَ فِيهِ بِأَنَّ مَنْ جَاءَ إِلَى النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ وَلَيِّهِ مِنْ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ يُرَدُّ إِلَى وَلِيِّهِ. فَإِذَا صَحَّ ذَلِكَ كَانَ صَرِيحًا وَكَانَتِ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِمَا فعله النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَالَّذِي فِي سِيرَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ هِشَامٍ خَلِيٌّ مِنْ هَذَا التَّصْرِيحِ وَلِذَلِكَ كَانَ لَفْظُ الصُّلْحِ مُحْتَمِلًا لِإِرَادَةِ الرِّجَالِ لِأَنَّ الضَّمَائِرَ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا ضَمَائِرُ تَذْكِيرٍ.

وَقَدْ

رُوِيَ أَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلَذِينَ سَأَلُوهُ إِرْجَاعَ النِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ وَطَلَبُوا تَنْفِيذَ شُرُوطِ الصُّلْحِ: إِنَّمَا الشَّرْطُ فِي الرِّجَالِ لَا فِي النِّسَاءِ

فَكَانَتْ هَذِهِ الْآيَةُ تَشْرِيعًا لِلْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ إِذَا جَاءَهُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ وَإِيذَانًا لِلْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ شَرْطَهُمْ غَيْرُ نَصٍّ، وَشَأْنُ شُرُوطُ الصُّلْحِ الصَّرَاحَةُ لِعِظَمِ أَمْرِ الْمُصَالَحَاتِ وَالْحُقُوقِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا، وَقَدْ أَذْهَلَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ عَنْ الِاحْتِيَاطِ فِي شَرْطِهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَحْمَةً بِالنِّسَاءِ الْمُهَاجِرَاتِ إِذْ جَعَلَ لَهُنَّ مخرجا وتأييدا لرَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا لِقَصْدِ أَنْ يَشْتَرِكَ مَنْ يُمْكِنُهُ الِاطِّلَاعُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ تَعَاوُنًا عَلَى إِظْهَارِ الْحَقِّ، وَلِأَنَّ مَا فِيهَا مِنَ التَّكْلِيفِ يَرْجِعُ كَثِيرٌ مِنْهُ إِلَى أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ نِسَائِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015