[سُورَة الْوَاقِعَة (56) : الْآيَات 88 إِلَى 94]

فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ (89) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (90) فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ (91) وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ (92)

فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ (93) وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ (94)

لَمَّا اقْتَضَى الْكَلَامُ بِحَذَافِرِهِ أَنَّ الْإِنْسَانَ صَاحِبُ الرُّوحِ صَائِرٌ إِلَى الْجَزَاءِ فَرَّعَ عَلَيْهِ إِجْمَالَ أَحْوَالِ الْجَزَاءِ فِي مَرَاتِبِ النَّاسِ إِجْمَالًا لِمَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ: وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً إِلَى قَوْلِهِ: لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الْوَاقِعَة: 7- 44] لِيَكُونَ هَذَا فَذْلَكَةً لِلسُّورَةِ وَرَدًّا لِعَجُزِهَا عَلَى صَدْرِهَا.

فَضَمِيرُ إِنْ كانَ عَائِدٌ إِلَى مَا عَادَ إِلَيْهِ ضَمِيرُ إِلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ [الْوَاقِعَة: 85] .

وَالْمُقَرَّبُونَ هُمُ السَّابِقُونَ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ [الْوَاقِعَة: 85] وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ قَدْ تَقَدَّمَ وَالْمُكَذِّبُونَ الضَّالُّونَ: هُمْ أَصْحَابُ الشِّمَالِ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ.

وَقَدْ ذُكِرَ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنْ هَؤُلَاءِ جَزَاءٌ لَمْ يُذْكَرْ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِيُضَمَّ إِلَى مَا أُعِدَّ لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى طَرِيقَةِ الْقُرْآنِ فِي تَوْزِيعِ الْقِصَّةِ.

وَالرَّوْحُ: بِفَتْحِ الرَّاءِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الرَّاحَةُ، أَيْ فَرَوْحٌ لَهُ، أَيْ هُوَ فِي رَاحَةٍ وَنَعِيمٍ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [87] . وَقَرَأَهُ رُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ بِضَمِّ الرَّاءِ. وَرُوِيَتْ هَذِهِ الْقِرَاءَةُ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ، أَيْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوِيَ عَنْهُ الْوَجْهَانِ، فَالْمَشْهُورُ رُوِيَ مُتَوَاتِرًا، وَالْآخَرُ رُوِيَ مُتَوَاتِرًا وَبِالْآحَادِ، وَكِلَاهُمَا مُرَادٌ.

وَمَعْنَى الْآيَةِ عَلَى قِرَاءَةِ ضَمِّ الرَّاءِ: أَنَّ رُوحَهُ مَعَهَا الرَّيْحَانُ وَهُوَ الطِّيبُ وَجَنَّةُ النَّعِيمِ.

وَقَدْ وَرَدَ

فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تَخَرُجُ طَيِّبَةً»

. وَقِيلَ: أَطْلَقَ الرُّوحَ بِضَمِّ الرَّاءِ

عَلَى الرَّحْمَةِ لِأَنَّ مَنْ كَانَ فِي رَحْمَةِ اللَّهِ فَهُوَ الْحَيُّ حَقًّا، فَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015