وَالْمَعْنَى: يَمْشُونَ بَيْنَ مَكَانِ النَّارِ وَبَيْنَ الْحَمِيمِ فَإِذَا أَصَابَهُمْ حَرُّ النَّارِ طَلَبُوا التَّبَرُّدَ فَلَاحَ لَهُمُ الْمَاءَ فَذَهَبُوا إِلَيْهِ فَأَصَابَهُمْ حَرُّهُ فَانْصَرَفُوا إِلَى النَّارِ دَوَالَيْكَ وَهَذَا كَقَوْلِهِ: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الْكَهْف: 29] .

وَآنٍ: اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَنَى، إِذَا اشتدت حرارته.

[45]

[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 45]

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (45)

مِثْلُ مَوْقِعِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي التكرير.

[46- 53]

[سُورَة الرَّحْمَن (55) : الْآيَات 46 إِلَى 53]

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (47) ذَواتا أَفْنانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (49) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (50)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (51) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (52) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (53)

انْتِقَالٌ مِنْ وَصْفِ جَزَاءِ الْمُجْرِمِينَ إِلَى ثَوَابِ الْمُتَّقِينَ. وَالْجُمْلَةُ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ [الرَّحْمَن: 41] إِلَى آخِرِهَا، وَهُوَ أَظْهَرُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي آخِرِهَا يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ يُفِيدُ مَعْنَى أَنَّهُمْ فِيهَا.

وَاللَّامُ فِي لِمَنْ خافَ لَامُ الْمِلْكِ، أَيْ يُعْطَى مَنْ خَافَ رَبَّهُ وَيُمَلَّكُ جَنَّتَيْنِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جِنْسَ الْخَائِفِينَ لَا خَائِفَ مُعَيَّنٌ فَهُوَ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ الْبَدَلِيِّ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ: وَلِلْخَائِفِ مَقَامُ رَبِّهِ. وَعَلَيْهِ فَيَجِيءُ النَّظَرُ فِي تَأْوِيلِ تَثْنِيَةِ جَنَّتانِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ: جِنْسَيْنِ مِنَ الْجَنَّاتِ.

وَقَدْ ذُكِرَتِ الْجَنَّاتُ فِي الْقُرْآنِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ غَيْرُ مَرَّةٍ وَسَيَجِيءُ بَعْدَ هَذَا قَوْلُهُ: وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ [الرَّحْمَن: 62] فَالْمُرَادُ جِنْسَانِ مِنَ الْجَنَّاتِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ التَّثْنِيَةُ مُسْتَعْمَلَةً كِنَايَةً عَنِ التَّعَدُّدِ، وَهُوَ اسْتِعْمَالٌ مَوْجُودٌ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ وَفِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ [الْملك: 4]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015