وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي نَظَائِرَ قَوْلِهِ: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الْمَذْكُورِ هُنَا إِلَى مَا فِي آخر السُّورَة.
[17]
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17)
استنئاف ابْتِدَائِيٌّ فِيهِ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ [الرَّحْمَن: 5] وَعَطَفَ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ لِأَجْلِ مَا ذَكَرْتُهُ آنِفًا مِنْ مُرَاعَاةِ الْمُزَاوَجَةِ.
وَحَذَفَ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ عَلَى الطَّرِيقَةِ الَّتِي سَمَّاهَا السَّكَّاكِيُّ بِإِتِّبَاعِ الْاِسْتِعْمَالِ الْوَارِدِ عَلَى تَرْكِهِ أَوْ تَرْكِ نَظَائِرِهِ وَتَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ.
وَالْمَشْرِقُ: جِهَةُ شُرُوقِ الشَّمْسِ، وَالْمَغْرِبُ: جِهَةُ غُرُوبِهَا. وَتَثْنِيَةُ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ فِي فَصْلَيِ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ مِنْ سَمْتٍ وَفِي فَصْلَيِ الصَّيْفِ وَالْخَرِيفِ مِنْ سَمْتٍ آخَرَ وَبِمُرَاعَاةِ وَقْتِ الطُّولِ وَوَقْتِ الْقِصَرِ وَكَذَلِكَ غُرُوبُهَا وَهِيَ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ يَنْتَقِلُ طُلُوعُهَا وَغُرُوبُهَا فِي دَرَجَاتٍ مُتَقَارِبَةٍ فَقَدْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فَيُقَالُ:
الْمَشَارِقُ وَالْمَغَارِبُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ فِي سُورَةِ الْمَعَارِجِ [40] .
وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ تَثْنِيَةَ الْمَشْرِقَيْنِ لِمُرَاعَاةِ مَشْرِقِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَكَذَلِكَ تَثْنِيَةُ الْمَغْرِبَيْنِ لَمْ يَغَصُّ عَلَى مَعْنًى كَبِيرٍ.
وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْجُمْهُورُ الْمَشْرِقَيْنِ والْمَغْرِبَيْنِ بِمَشْرِقَيِ الشَّمْسِ وَمَغْرِبَيْهَا فَالْمُرَادُ بِ الْمَشْرِقَيْنِ النِّصْفُ الشَّرْقِيُّ مِنَ الْأَرْضِ، وَبِ الْمَغْرِبَيْنِ النِّصْفُ الْغَرْبِيُّ مِنْهَا.
وَرُبُوبِيَّةُ الله تَعَالَى للمشرقين وَالْمَغْرِبَيْنِ بِمَعْنَى الْخلق وَالتَّصَرُّف.
[18]
[سُورَة الرَّحْمَن (55) : آيَة 18]
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (18)
تَكْرِيرٌ كَمَا علمت آنِفا.