وَالزَّيْغُ: الْمَيْلُ عَنِ الْقَصْدِ، أَيْ مَا مَالَ بَصَرُهُ إِلَى مَرْئِيٍّ آخَرَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ، وَالطُّغْيَانُ:
تَجَاوَزُ الْحَدِّ.
وَجُمْلَةُ لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى تَذْيِيلٌ، أَيْ رَأَى آيَاتٍ غَيْرَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَجَنَّةِ الْمَأْوَى، وَمَا غَشِيَ السِّدْرَةَ مِنِ الْبَهْجَةِ وَالْجَلَالِ، رَأَى مِنْ آيَاتِ اللَّهِ الْكُبْرَى.
وَالْآيَاتُ: دَلَائِلُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي تُزِيدُ الرَّسُولَ ارْتِفَاعًا.
[19- 23]
أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (22) إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (23)
أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (21) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ.
لَمَّا جَرَى فِي صِفَةِ الْوَحْيِ وَمُشَاهَدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام مَا دلّ على شؤون جليلة من عَظمَة الله تَعَالَى وَشرف رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشرف جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذْ وُصِفَ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ وَمَنَازِلِ الْعِزَّةِ كَمَا وُصِفَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعُرُوجِ فِي الْمَنَازِلِ الْعُلْيَا، كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُثِيرُ مُوَازَنَةَ هَذِهِ الْأَحْوَالِ الرَّفِيعَةِ بِحَالِ أَعْظَمِ آلِهَتِهِمُ الثَّلَاثِ فِي زَعْمِهِمْ وَهِيَ: اللَّاتُ، وَالْعُزَّى، وَمَنَاةُ الَّتِي هِيَ أَحْجَارٌ مَقَرُّهَا الْأَرْضُ لَا تَمْلِكُ تَصَرُّفًا وَلَا يُعَرَجُ بِهَا إِلَى رِفْعَةٍ.
فَكَانَ هَذَا التَّضَادُّ جَامِعًا خَيَالِيًّا يَقْتَضِي تَعْقِيبَ ذِكْرِ تِلْكَ الْأَحْوَالِ بِذِكْرِ أَحْوَالِ هَاتِهِ.
فَانْتَقَلَ الْكَلَامُ مِنْ غَرَضِ إِثْبَاتِ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُوحًى إِلَيْهِ بِالْقُرْآنِ، إِلَى إِبْطَالِ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ، وَمَنَاطُ الْإِبْطَالِ قَوْلُهُ: إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ.
فَالْفَاءُ لِتَفْرِيعِ الِاسْتِفْهَامِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى جُمْلَةِ أَفَتُمارُونَهُ عَلى مَا يَرى [النَّجْم: 12] الْمُفَرَّعَةِ عَلَى جُمْلَةِ مَا كَذَبَ الْفُؤادُ مَا رَأى [النَّجْم: 11] .
والروية فِي أَفَرَأَيْتُمُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بَصَرِيَّةٌ تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ فَلَا تَطْلَبُ مَفْعُولًا ثَانِيًا وَيَكُونُ الِاسْتِفْهَامُ تَقْرِيرِيًّا تَهَكُّمِيًّا، أَيْ كَيْفَ تَرَوْنَ اللَّاتَ