الْعِلْمِ إِلَى أَكْثَرِهِمْ دُونَ جَمِيعِهِمْ لِأَنَّ فِيهِمْ أَهْلَ رَأْيٍ وَنَظَرٍ يَتَوَقَّعُونَ حُلُولَ الشَّرِّ إِذَا كَانُوا فِي خَيْرٍ.

وَالظُّلْمُ: الشِّرْكُ قَالَ تَعَالَى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لُقْمَان: 13] وَهُوَ الْغَالِبُ فِي إِطْلَاقِهِ فِي الْقُرْآنِ.

[48، 49]

[سُورَة الطّور (52) : الْآيَات 48 الى 49]

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (48) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبارَ النُّجُومِ (49)

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ [الطّور: 45] إِلَخْ، وَمَا بَيْنَهُمَا اعْتِرَاضٌ وَكَانَ مُفْتَتَحُ السُّورَةِ خطابا للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتِدَاء مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ [الطّور: 7] الْمَسُوقِ مَسَاقَ التَّسْلِيَةِ لَهُ، وَكَانَ فِي مُعْظَمِ مَا فِي السُّورَةِ مِنَ الْأَخْبَارِ مَا يُخَالِطُهُ فِي نَفْسِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْكَدَرِ وَالْأَسَفِ عَلَى ضَلَالِ قَوْمِهِ وَبُعْدِهِمْ عَمَّا جَاءَهُمْ بِهِ مِنَ الْهُدَى

خُتِمَتِ السُّورَةُ بِأَمْرِهِ بِالصَّبْرِ تَسْلِيَةً لَهُ وَبِأَمْرِهِ بِالتَّسْبِيحِ وَحَمْدِ اللَّهِ شُكْرًا لَهُ عَلَى تَفْضِيلِهِ بالرسالة.

وَالْمرَاد بِحكم رَبِّكَ مَا حَكَمَ بِهِ وَقَدَّرَهُ مِنِ انْتِفَاءِ إِجَابَةِ بَعْضِهِمْ وَمِنْ إِبْطَاءِ إِجَابَةِ أَكْثَرِهِمْ.

فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ: لِحُكْمِ رَبِّكَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى (عَلَى) فَيَكُونَ لِتَعْدِيَةِ فِعْلِ اصْبِرْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ [المزمل: 10] . وَيَجُوزُ فِيهَا مَعْنَى (إِلَى) أَيِ اصْبِرْ إِلَى أَنْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فَيَكُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ [يُونُس: 109] وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّعْلِيلِ فَيَكُونَ لِحُكْمِ رَبِّكَ هُو مَا حَكَمَ بِهِ مِنْ إِرْسَالِهِ إِلَى النَّاسِ، أَيِ اصْبِرْ لِأَنَّكَ تَقُومُ بِمَا وَجَبَ عَلَيْكَ.

فَلِلَّامِ فِي هَذَا الْمَكَانِ مَوْقِعٌ جَامِعٌ لَا يُفِيدُ غَيْرُ اللَّامِ مِثْلَهُ.

وَالتَّفْرِيعُ فِي قَوْلِهِ: فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا تَفْرِيعُ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ اصْبِرْ لِأَنَّكَ بِأَعْيُنِنَا، أَيْ بِمَحَلِّ الْعِنَايَةِ وَالْكِلَاءَةِ مِنَّا، نَحْنُ نَعْلَمُ مَا تُلَاقِيهِ وَمَا يُرِيدُونَهُ بِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015