فَإِضَافَةُ الظَّنِّ إِلَى السَّوْءِ

مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إِلَى الصِّفَةِ.

وَالْمُرَادُ: ظَنُّهُمْ بِاللَّهِ أَنَّهُمْ لَمْ يعد الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَتْحِ وَلَا أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْعُمْرَةِ وَلَا يقدر للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّصْرَ لِقِلَّةِ أَتْبَاعِهِ وَعِزَّةِ أَعْدَائِهِ، فَهَذَا ظَنُّ سوء بالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَذَا الْمُنَاسِبُ لِقِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ.

وَأَمَّا دائِرَةُ السَّوْءِ فِي قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ فَهِيَ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَسُوءُ أُولَئِكَ الظَّانِّينَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: عَلَيْهِمْ، وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى كَوْنِهَا مَحْمُودَةً عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ لَيْسَ الْمَقَامُ لِبَيَانِ ذَلِكَ وَالْإِضَافَةُ مِثْلُ إِضَافَةِ ظَنَّ السَّوْءِ، وَأَمَّا فِي قِرَاءَةِ ابْنِ كَثِيرٍ وَأَبِي عَمْرٍو فَإِضَافَةُ دائِرَةُ الْمَضْمُومُ مِنْ إِضَافَةِ الْأَسْمَاءِ، أَيِ الدَّائِرَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِالسَّوْءِ وَالْمُلَازِمَةُ لَهُ لَا مِنْ إِضَافَةِ الْمَوْصُوفِ. وَلَيْسَ فِي قِرَاءَتِهِمَا خُصُوصِيَّةٌ زَائِدَةٌ عَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ وَلَكِنَّهَا جَمَعَتْ بَيْنَ الِاسْتِعْمَالَيْنِ فَفَتْحُ السَّوْءِ الْأَوَّلِ مُتَعَيِّنٌ وَضَمُّ الثَّانِي جَائِزٌ وَلَيْسَ بِرَاجِحٍ وَالِاخْتِلَافُ اخْتِلَافٌ فِي الرِّوَايَةِ.

وَجُمْلَةُ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ دُعَاءٌ أَوْ وَعِيدٌ، وَلِذَلِكَ جَاءَتْ بِالِاسْمِيَّةِ لِصَلُوحِيَّتِهَا لِذَلِكَ بِخِلَافِ جُمْلَةِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ فَإِنَّهَا إِخْبَارٌ عَمَّا جَنَوْهُ مِنْ سُوءِ فِعْلِهِمْ فَالتَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي مِنْهُ أظهر.

[7]

[سُورَة الْفَتْح (48) : آيَة 7]

وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (7)

هَذَا نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا إِلَّا أَنَّ هَذَا أُوثِرَ بِصِفَةِ عَزِيزٍ دُونَ عَلِيمٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذِكْرِ الْجُنُودِ هُنَا الْإِنْذَارُ وَالْوَعِيدُ بِهَزَائِمَ تَحِلُّ بِالْمُنَافِقِينَ وَالْمُشْرِكِينَ فَكَمَا ذُكِرَ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ نصر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ بِجُنُودِ الْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِهِمَا ذِكْرُ مَا هُنَا لِلْوَعِيدِ بِالْهَزِيمَةِ فَمُنَاسِبَةُ صِفَةِ عَزِيزٍ، أَيْ لَا يغلبه غَالب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015