بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُمِّيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْمَصَاحِفِ الْعَتِيقَةِ بِتُونِسَ وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَفِي «صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ» سُورَةَ الْجَاثِيَةِ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ.
وَتُسَمَّى حم الْجَاثِيَةِ لِوُقُوعِ لَفْظِ جاثِيَةً [الجاثية: 28] فِيهَا وَلَمْ يَقَعْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَاقْتِرَانُ لَفَظِ الْجَاثِيَةِ بِلَامِ التَّعْرِيفِ فِي اسْمِ السُّورَةِ مَعَ أَنَّ اللَّفْظَ الْمَذْكُورَ فِيهَا خَلِيٌّ عَنْ لَامِ التَّعْرِيفِ لِقَصْدِ تَحْسِينِ الْإِضَافَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: سُورَةُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ، أَيِ السُّورَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِيهَا هَذِهِ الْكَلِمَةُ، وَلَيْسَ لِهَذَا التَّعْرِيفِ فَائِدَةٌ غَيْرُ هَذِهِ. وَذَلِكَ تَسْمِيَةُ حم غَافِرٍ، وَحم الزُّخْرُفِ.
وَتُسَمَّى سُورَةُ شَرِيعَةٍ لِوُقُوعِ لفظ شَرِيعَةٍ [الجاثية: 18] فِيهَا وَلَمْ يَقَعْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْقُرْآنِ. وَتُسَمَّى سُورَةَ الدَّهْرِ لِوُقُوعِ مَا يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ [الجاثية: 24] فِيهَا وَلَمْ يَقَعْ لَفْظُ الدَّهْرِ فِي ذَوَاتِ حم الْأُخَرِ.
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: بِلَا خِلَافٍ، وَفِي «الْقُرْطُبِيِّ» عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ اسْتِثْنَاءُ قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا إِلَى بِما كانُوا يَكْسِبُونَ [الجاثية: 14] نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ شَتَمَهُ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ فَأَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِهِ فَنَزَلَتْ.
وَهِيَ السُّورَةُ الرَّابِعَةُ وَالسِّتُّونَ فِي تَرْتِيبِ نُزُولِ السُّوَرِ عِنْدَ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ الدُّخَانِ وَقَبْلَ الْأَحْقَافِ.