حم (1)
الْقَوْلُ فِي نَظَائِره تقدم.
[2- 6]
وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (6)
الْقَوْلُ فِي نَظِيرِ هَذَا الْقِسْمِ وَجَوَابِهِ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الزُّخْرُفِ. وَنَوَّهَ بِشَأْنِ الْقُرْآنِ بِطَرِيقَةِ الْكِنَايَةِ عَنْهُ بِذِكْرِ فَضْلِ الْوَقْتِ الَّذِي ابْتُدِئَ إِنْزَالُهُ فِيهِ.
فَتَعْرِيفُ الْكِتابِ تَعْرِيفُ الْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ: الْقُرْآنُ.
وَمَعْنَى الْفِعْلِ فِي أَنْزَلْناهُ ابْتِدَاءُ إِنْزَالِهِ فَإِنَّ كُلَّ آيَةٍ أَوْ آيَاتٍ تَنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ فَهِيَ مُنْضَمَّةٌ إِلَيْهِ انْضِمَامَ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ، وَمَجْمُوعُ مَا يَبْلُغُ إِلَيْهِ الْإِنْزَالُ فِي كُلِّ سَاعَةٍ هُوَ مُسَمَّى الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ تَمَّ نُزُولُ آخِرِ آيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَتَنْكِيرُ لَيْلَةٍ لِلتَّعْظِيمِ، وَوَصْفُهَا بِ مُبارَكَةٍ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَشْوِيقٌ لِمَعْرِفَتِهَا. فَهَذِهِ اللَّيْلَةُ هِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي ابْتُدِئَ فِيهَا نُزُولُ الْقُرْآنِ على مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ مِنْ جَبَلِ حِرَاءٍ فِي رَمَضَانَ قَالَ تَعَالَى: شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [الْبَقَرَة: 185] .
وَاللَّيْلَةُ الَّتِي ابْتُدِئَ نُزُولُ الْقُرْآنِ فِيهَا هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [الْقَدْرِ: 1] . وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي لَيْلَةِ الْوِتْرِ. وَثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِنَظِيرَتِهَا مِنْ كُلِّ سَنَةٍ فَضْلًا عَظِيمًا لِكَثْرَةِ ثَوَابِ الْعِبَادَةِ فِيهَا فِي كُلِّ رَمَضَانَ كَرَامَةٌ لِذِكْرَى نُزُولِ الْقُرْآنِ وَابْتِدَاءِ رِسَالَةِ أفضل الرُّسُل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً. قَالَ تَعَالَى:
تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [الْقدر: 4، 5] .