[سُورَة الزخرف (43) : الْآيَات 67 إِلَى 73]

الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ (67) يَا عِبادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71)

وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (73)

اسْتِئْنَافٌ يُفِيدُ أَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: بَيَانُ بَعْضِ الْأَهْوَالِ الَّتِي أَشَارَ إِلَيْهَا إِجْمَالُ التَّهْدِيدِ فِي قَوْلِهِ: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف: 65] .

وَثَانِيهمَا: موعظة الْمُشْركين بِمَا يَحْصُلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْأَهْوَالِ لِأَمْثَالِهِمْ وَالْحَبْرَةِ

لِلْمُؤْمِنِينَ. وَقَدْ أُوثِرَ بِالذِّكْرِ هُنَا مِنَ الْأَهْوَالِ مَا لَهُ مَزِيدُ تَنَاسُبٍ لِحَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي تَأَلُّبِهِمْ عَلَى مناواة الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِينِ الْإِسْلَامِ، فَإِنَّهُمْ مَا أَلَّبَهُمْ إِلَّا تَنَاصُرُهُمْ وَتَوَادُّهُمْ فِي الْكُفْرِ وَالتَّبَاهِي بِذَلِكَ بَيْنَهُمْ فِي نَوَادِيهِمْ وَأَسْمَارِهِمْ، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إِبْرَاهِيمَ: وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [العنكبوت: 25] وَتِلْكَ شَنْشَنَةُ أَهْلِ الشِّرْكِ مِنْ قَبْلُ.

وَفِي مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ [الزخرف: 38] .

والْأَخِلَّاءُ: جَمْعُ خَلِيلٍ، وَهُوَ الصَّاحِبُ الْمُلَازِمُ، قِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ التَّخَلُّلِ لِأَنَّهُ كَالْمُتَخَلِّلِ لِصَاحِبِهِ وَالْمُمْتَزِجِ بِهِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا فِي سُورَةِ النِّسَاءِ [125] . وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ (إِذْ) مِنْ قَوْلِهِ: يَوْمَئِذٍ هُوَ الْمُعَوِّضُ عَنْهُ التَّنْوِينُ دَلَّ عَلَيْهِ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فِي قَوْلِهِ: مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف: 65] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015