وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِ (إِنَّ) لِلِاهْتِمَامِ بِهِ لِأَنَّ الْخَبَرَ مُسْتَعْمَلٌ فِي تَثْبِيتِ قلب النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّهَادَةِ لَهُ بِهَذَا الْمَقَامِ الْعَظِيمِ فَالْخَبَرُ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمِ مَعْنَاهُ، عَلَى أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ أَيْضًا لِلتَّعْرِيضِ بِالْمُنْكِرِينَ لِهَدْيِهِ فَيَكُونُ فِي التَّأْكِيدِ مُلَاحَظَةُ تَحْقِيقِهِ وَإِبْطَالُ إِنْكَارِهِمْ. فَكَمَا أَنَّ الْخَبَرَ مُسْتَعْمَلٌ فِي لَازِمَيْنِ مِنْ لَوَازِمِ مَعْنَاهُ فَكَذَلِكَ التَّأْكِيدُ بِ (إِنَّ) مُسْتَعْمَلٌ فِي غَرَضَيْنِ مِنْ أَغْرَاضِهِ، وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ مِمَّا أُلْحِقَ بِاسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ.
وَتَنْكِيرُ صِراطٍ لِلتَّعْظِيمِ مِثْلُ تَنْكِيرِ (عَظْمٍ) فِي قَوْلِ أَبِي خِرَاشٍ:
فَلَا وَأَبِي الطَّيْرِ الْمُرِبَّةِ فِي الضُّحَى ... عَلَى خَالِدٍ لَقَدْ وَقَعْنَ عَلَى عَظْمِ
وَلِأَنَّ التَّنْكِيرَ أَنْسَبُ بِمَقَامِ التَّعْرِيضِ بِالَّذِينِ لَمْ يَأْبَهُوا بِهِدَايَتِهِ.
وَعَدَلَ عَنْ إِضَافَةِ صِراطِ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ ابْتِدَاءً لِقَصْدِ الْإِجْمَالِ الَّذِي يَعْقُبُهُ التَّفْصِيلُ بِأَنْ يُبْدِلَ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ صِراطِ اللَّهِ لِيَتَمَكَّنَ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ فَضْلَ تَمَكُّنٍ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الْفَاتِحَة:
6، 7] .
وَإِجْرَاءُ وَصْفِ اسْمِ الْجَلَالَةِ بِاسْمِ الْمَوْصُولِ وصلته للإيماء إِلَى أَنَّ سَبَبَ اسْتِقَامَةِ الصِّرَاطِ الَّذِي يَهْدِي إِلَيْهِ النَّبِيءُ بِأَنَّهُ صِرَاطُ الَّذِي يَمْلِكُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ فَلَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا يَلِيقُ بِعِبَادِهِ، فَلَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا بِكِتَابٍ لَا يُرْتَابُ فِي أَنَّ مَا أَرْسَلَ لَهُمْ فِيهِ صَلَاحُهُمْ.
أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.
تَذْيِيلٌ وَتَنْهِيَةٌ لِلسُّورَةِ بِخِتَامِ مَا احْتَوَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْمُجَادَلَةِ وَالِاحْتِجَاجِ بِكَلَامٍ قَاطِعٍ جَامِعٍ مُنْذِرٍ بِوَعِيدٍ لِلْمُعْرِضِينَ فَاجِعٍ وَمُبَشِّرٍ بِالْوَعْدِ لِكُلِّ خَاشِعٍ. وَافْتُتِحَتِ الْجُمْلَةُ بِحَرْفِ
التَّنْبِيهِ لِاسْتِرْعَاءِ أَسْمَاعِ النَّاسِ.