فَقَوْلُهُ:
بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: كَلَّا الْمُرَتَّبِ عَلَى قَوْلِهِ: فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَقَوْلِهِ: فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَرَامَةَ وَالْإِهَانَةَ إِنَّمَا تَسَبَّبَا عَلَى عَدَمِ إِكْرَامِ الْيَتِيمِ وَالْحَضِّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ، وَقَالَ تَعَالَى: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الرّوم: 41] .
وَفِي «سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ» : أَنَّ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تُصِيبُ عَبْدًا نَكْبَةٌ فَمَا فَوْقَهَا أَوْ دُونَهَا إِلَّا بِذَنْبٍ وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ»
. وَهُوَ يَنْظُرُ إِلَى تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَة، وَأما مَا جَاءَ عَلَى وَجْهِ الْجُزْئِيَّةِ فَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نُوحٍ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً [نوح:
10- 12] وَقَوْلُهُ حِكَايَةً عَنْهُ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فِي سُورَةِ نُوحٍ [3، 4] . وَقَوْلُهُ خِطَابًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [85] ، وَقَوْلُهُ إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ
[الْأَعْرَاف: 152] وَقَالَ حِكَايَةً عَنْ مُوسَى أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا [الْأَعْرَاف: 155] وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ فِي الْأَعْرَافِ [167] ، وَقَالَ فِي فِرْعَوْنَ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولى [النازعات: 25] ، وَقَالَ فِي الْمُنَافِقِينَ أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ فِي بَرَاءَةٌ [126] .
وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكْرُوهَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، مَنْ يُحَافِظُ عَلَيْهِنَّ عَاشَ بِخَيْرٍ وَمَاتَ بِخَيْرٍ» .
وَفِي بَابِ الْعُقُوبَاتِ مِنْ آخَرِ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَن النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ» .
وَفِي «الْبُخَارِيِّ» قَالَ خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ «إِنَّا آمَنَّا بِاللَّهِ وَجَاهَدْنَا فِي سَبِيلِهِ فَوَجَبَ أَجْرُنَا عَلَى اللَّهِ فَمِنَّا مَنْ ذَهَبَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا مِنْهُمْ مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ، مَاتَ وَمَا تَرَكَ إِلَّا ... كُنَّا إِذَا غَطَّيْنَا بِهَا رَأْسَهُ بَدَتْ رِجْلَاهُ وَإِذَا غَطَّيْنَا رِجْلَيْهِ بَدَا رَأْسُهُ فَأَمَرَنَا رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُغَطِّيَ بِهَا رَأْسَهُ وَنَضَعَ عَلَى رِجْلَيْهِ مِنَ الْإِذْخِرِ،