وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَانِعَ الزَّكَاةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ حَظٌّ مِنَ الْوَيْلِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ الْمُشْرِكُونَ لِمَنْعِهِمُ الزَّكَاةَ فِي ضِمْنِ شِرْكِهِمْ، وَلِذَلِكَ رَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَانِعِي الزَّكَاةِ مِمَّنْ لَمْ يَرْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ وَمَنَعُوا الزَّكَاةَ مَعَ الْمُرْتَدِّينَ، وَوَافَقَهُ جَمِيعُ أَصْحَاب رَسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ف الزَّكاةَ فِي الْآيَةِ هِيَ الصَّدَقَةُ لِوُقُوعِهَا مَفْعُولَ يُؤْتُونَ، وَلَمْ تَكُنْ يَوْمَئِذٍ زَكَاةٌ مَفْرُوضَةٌ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ الصَّدَقَةِ دُونَ تَعْيِينِ نُصُبِ وَلَا أَصْنَافِ الْأَرْزَاقِ الْمُزَكَّاةِ، وَكَانَتِ الصَّدَقَةُ مَفْرُوضَةً عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلِبَعْضِ الصَّدَقَةِ مِيقَاتٌ وَهِيَ الصَّدَقَةُ قَبْلَ مُنَاجَاة الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً [المجادلة:

12] .

وَجُمْلَةُ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ إِمَّا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ يُؤْتُونَ وَإِمَّا مَعْطُوفَةٌ عَلَى الصِّلَةِ. وَضَمِيرُ هُمْ كافِرُونَ ضَمِيرُ فَصْلٍ لَا يُفِيدُ هُنَا إِلَّا تَوْكِيدَ الْحُكْمِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا تَوْكِيدًا لَفْظِيًّا لَا ضَمِيرَ فَصْلٍ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ [37] ، وَقَوْلُهُ: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ فِي سُورَةِ طه [14] .

وَتَقْدِيمُ بِالْآخِرَةِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ كافِرُونَ لإِفَادَة الاهتمام.

[8]

[سُورَة فصلت (41) : آيَة 8]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (8)

اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ نَشَأَ عَنِ الْوَعِيدِ الَّذِي تُوُعِّدَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ بَعْدَ أَنْ أُمِرُوا بِالِاسْتِقَامَةِ إِلَى اللَّهِ وَاسْتِغْفَارِهِ عَمَّا فَرَطَ مِنْهُمْ، كَأَنَّ سَائِلًا يَقُولُ: فَإِنِ اتَّعَظُوا وَارْتَدَعُوا فَمَاذَا يَكُونُ جَزَاؤُهُمْ، فَأُفِيدَ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُمْ حِينَئِذٍ يَكُونُونَ مِنْ زُمْرَةِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، وَفِي هَذَا تَنْوِيهٌ بِشَأْنِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَتَقْدِيمُ لَهُمْ لِلِاهْتِمَامِ بِهِمْ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015