وَقُوبِلَ ذَلِكَ بِمَا لِلْمُوَحِّدِينَ مِنَ الْكَرَامَةِ عِنْدَ اللَّهِ.
وَأمر النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَفْعِهِمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ وَبِالصَّبْرِ عَلَى جَفْوَتِهِمْ وَأَنْ يَسْتَعِيذَ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ. وَذَكَرَتْ دَلَائِلَ تَفَرُّدِ اللَّهَ بِخَلْقِ الْمَخْلُوقَاتِ الْعَظِيمَةِ كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ. وَدَلَائِلَ إِمْكَانِ الْبَعْثِ وَأَنَّهُ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَلَا يَعْلَمُ وَقْتَهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى. وتثبيت النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ بِتَأْيِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِتَنَزُّلِ الْمَلَائِكَةِ بِالْوَحْيِ، وَبِالْبِشَارَةِ لِلْمُؤْمِنِينَ. وَتَخَلَّلَ ذَلِكَ أَمْثَالٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي ابْتِدَاءِ خَلْقِ الْعَوَالِمِ وَعِبَرٌ فِي تَقَلُّبَاتِ أَهْلِ الشِّرْكِ وَالتَّنْوِيهُ بإيتاء الزَّكَاة.
[1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
حم (1)
الْقَوْلُ فِي الْحُرُوفِ الْوَاقِعَةِ فَاتِحَةَ هَذِهِ السُّورَةِ كَالْقَوْلِ فِي الم.
[2- 4]
تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (2) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (4)
افْتُتِحَ الْكَلَامُ بِاسْمٍ نَكِرَةٍ لِمَا فِي التَّنْكِيرِ مِنَ التَّعْظِيمِ. وَالْوَجْهُ أَنْ يَكُونَ تَنْزِيلٌ
مُبْتَدَأٌ سَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ مَا فِي التَّنْكِيرِ مِنْ مَعْنَى التَّعْظِيمِ فَكَانَتْ بِذَلِكَ كَالْمَوْصُوفَةِ وَقَوْلُهُ:
مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خَبَرٌ عَنْهُ. وَقَوْلُهُ: كِتابٌ بَدَلٌ مِنْ تَنْزِيلٌ فَحَصَلَ مِنَ الْمَعْنَى:
أَنَّ التَّنْزِيلَ مِنَ اللَّهِ كِتَابٌ، وَأَنَّ صِفَتَهُ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ، مَوْسُومًا بِكَوْنِهِ قُرْآنًا عَرَبِيًّا، فَحَصَلَ مِنْ هَذَا الْأُسْلُوبِ أَنَّ الْقُرْآنَ منزّل من الرحمان الرَّحِيمِ مُفَصَّلًا عَرَبِيًّا.