وَعِنْدِي أَنَّ الِاسْتِعْمَالَيْنِ عَلَى مُقْتَضَى الظَّاهِرِ وَأَنَّ الْعَرْضَ قَدْ كَثُرَ فِي مَعْنَى الْإِمْرَارِ دُونَ قَصْدِ التَّرْغِيبِ كَمَا يُقَالُ: عُرِضَ الْجَيْشُ عَلَى أَمِيرِهِ وَاسْتَعْرَضَهُ الْأَمِيرُ. وَلَعَلَّ أَصْلَهُ مَجَازٌ سَاوَى الْحَقِيقَةَ فَلَيْسَ فِي الْآيَتَيْنِ قَلْبٌ وَلَا فِي قَوْلِ الْعَرَبِ: عَرَضْتُ النَّاقَةَ عَلَى الْحَوْضِ، قَلْبٌ، وَيُقَالُ: عُرِضَ بَنُو فُلَانٍ عَلَى السَّيْفِ، إِذَا قُتِلُوا بِهِ. وَخَرَجَ فِي «الْكَشْفِ» آيَةُ الْأَحْقَافِ عَلَى قَوْلِهِمْ: عُرِضَ عَلَى السَّيْفِ.

وَمَعْنَى عَرْضِهِمْ عَلَى النَّارِ أَنَّ أَرْوَاحَهُمْ تُشَاهِدُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي أُعِدَّتْ لَهَا فِي جَهَنَّمَ، وَهُوَ مَا يُبَيِّنُهُ

حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي «الصَّحِيحِ» قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا مَاتَ عُرِضَ عَلَيْهِ مَقْعَدُهُ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»

. وَقَوْلُهُ: غُدُوًّا وَعَشِيًّا كِنَايَةٌ عَنِ الدَّوَامِ لِأَنَّ الزَّمَانَ لَا يَخْلُو عَن هاذين الْوَقْتَيْنِ.

وَقَوْلُهُ: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ هَذَا ذِكْرُ عَذَابِ الْآخِرَةِ الْخَالِدِ، أَيْ يُقَالُ: أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ، وَعُلِمَ مِنْ عَذَابِ آلِ فِرْعَوْنَ أَنَّ فِرْعَوْنَ دَاخِلٌ فِي ذَلِكَ الْعَذَابِ بِدَلَالَةِ الْفَحْوَى.

وَقَرَأَ نَافِعٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبُ أَدْخِلُوا بِهَمْزَةِ قَطْعٍ وَكَسْرِ الْخَاءِ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَضَمِّ الْخَاءِ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْقَوْلَ مُوَجَّهٌ إِلَى آلِ فِرْعَوْنَ وَأَنَّ آلَ فِرْعَوْنَ مُنَادَى بِحَذْف الْحَرْف.

[47- 48]

[سُورَة غَافِر (40) : الْآيَات 47 إِلَى 48]

وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (47) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (48)

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِذْ مَعْمُولًا لِ (اذْكُرْ) مَحْذُوفٍ فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى جُمْلَةِ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ، وَالضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015