الْمَخْلُوقَ كَائِنٌ مُرَكَّبٌ مِنْ عَنَاصِرَ وَأَجْزَاءٍ مُتَفَاوِتَةٍ وَالتَّرْكِيبُ قَدْ يَدْخُلُ عَلَى الْمَادَّةِ الْأُولَى شَرَفًا وَقَدْ يَدْخُلُ عَلَيْهَا

حَقَارَةً، وَالتَّفَاضُلُ إِنَّمَا يَتَقَوَّمُ مِنَ الْكَمَالِ فِي الذَّات والْآثَار.

[77- 78]

[سُورَة ص (38) : الْآيَات 77 إِلَى 78]

قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (77) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (78)

عَاقَبَهُ اللَّهُ عَلَى مَا بَرَزَ مِنْ نَفْسَانِيَّتِهِ فَخَالَفَ مَا كَانَ مِنْ طَرِيقَتِهِ فَأَطْرَدَهُ مِنَ الْمَلَأِ الْأَعْلَى وَمِنَ الْجَنَّةِ، وَضَمِيرُ قالَ عَائِدٌ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقَةِ حِكَايَةِ الْمُقَاوَلَاتِ.

وَفُرِّعَ أَمْرُهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ بِالْفَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ لِأَنَّ جَوَابَهُ دَلَّ عَلَى كَوْنِ خُبْثٍ فِي نَفْسِهِ بِدَتْ آثَارُهُ فِي عَمَلِهِ فَلَمْ يَصْلُحْ لِمُخَالَطَةِ أَهْلِ الْمَلَأِ الْأَعْلَى.

وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ نَظِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ.

وَاللَّعْنَةُ: الْإِبْعَادُ مِنْ رَحْمَة الله، وأضيف إِلَى اللَّهِ لِتَشْنِيعِ مُتَعَلِّقِهَا وَهُوَ الْمَلْعُونُ لِأَنَّ الْمَلْعُونَ مِنْ جَانِبِ اللَّهِ هُوَ أَشْنَعُ مَلْعُونٍ.

وَجُعِلَ يَوْمِ الدِّينِ غَايَةَ اللَّعْنَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى دَوَامِهَا مُدَّةَ هَذِهِ الْحَيَاةِ كُلِّهَا لِيَسْتَغْرِقَ الْأَزْمِنَةَ كُلَّهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حُصُولُ ضِدِّ اللَّعْنَةِ لَهُ يَوْمَ الدِّينِ أَعْنِي الرَّحْمَةَ لِأَنَّ يَوْمَ الدِّينِ يَوْمُ الْجَزَاءِ عَلَى الْأَعْمَالِ فَجَزَاءُ الْمَلْعُونِ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ كَمَا أَنْبَأَ بِذَلِكَ التَّعْبِيرُ بِ يَوْمِ الدِّينِ دُونَ: يَوْمِ يُبْعَثُونَ [ص: 79] ، أَوْ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ [ص: 81] .

[79- 81]

[سُورَة ص (38) : الْآيَات 79 إِلَى 81]

قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (79) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (80) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (81)

أَيْ قَالَ إِبْلِيسُ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ وَتَفْسِيرُهَا هُنَاكَ مُسْتَوفى.

[82- 83]

[سُورَة ص (38) : الْآيَات 82 إِلَى 83]

قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (83)

الْفَاءُ لِتَفْرِيعِ كَلَامِهِ عَلَى أَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهُ بِالْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ وَعِقَابِهِ إِيَّاهُ بِاللَّعْنَةِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015