وَالتَّقْدِيرُ:
أَبْوَابُهَا، عَلَى رَأْيِ نُحَاةِ الْكُوفَةِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فَ الْأَبْوابُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي مُفَتَّحَةً عَلَى أَنَّهُ بَدَلُ اشْتِمَالٍ أَوْ بَعْضٍ وَالرَّابِطُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ:
الْأَبْوَابُ مِنْهَا. وَتَفْتِيحُ الْأَبْوَابِ كِنَايَةٌ عَنِ التَّمْكِينِ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِنَعِيمِهَا لِأَنَّ تَفْتِيحَ الْأَبْوَابِ يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ بِالدُّخُولِ وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ التَّخْلِيَةَ بَيْنَ الدَّاخِلِ وَبَيْنَ الِانْتِفَاعِ بِمَا وَرَاءَ الْأَبْوَابِ.
وَقَوْلُهُ مُتَّكِئِينَ فِيها تَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْهُ فِي سُورَةِ يس.
ويَدْعُونَ: يَأْمُرُونَ بِأَنْ يُجْلَبَ لَهُمْ، يُقَالُ: دَعَا بِكَذَا، أَيْ سَأَلَ أَنْ يُحْضَرَ لَهُ.
وَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِمْ: دَعَا بِكَذَا، لِلْمُصَاحَبَةِ، وَالتَّقْدِيرُ: دَعَا مَدْعُوًّا يُصَاحِبُهُ كَذَا، قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
وَدَعَوْا بِالصَّبُوحِ يَوْمًا فَجَاءَتْ ... قَيْنَةً فِي يَمِينِهَا إِبْرِيقُ
قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ يس [57] لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ.
وَانْتَصَبَ مُتَّكِئِينَ عَلَى الْحَالِ مِنَ «الْمُتَّقِينَ» وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ. وَجُمْلَةُ يَدْعُونَ حَالٌ ثَانِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ أَيْضًا.
وَالشَّرَابُ: اسْمٌ لِلْمَشْرُوبِ، وَغَلَبَ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْخَمْرِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ ذِكْرٌ لِلْمَاءِ كَقَوْلِهِ آنِفًا هَذَا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ [ص: 42] . وَتَنْوِينُ شَرابٍ هُنَا لِلِتَّعْظِيمِ، أَيْ شَرَابٌ نَفِيسٌ فِي جِنْسِهِ، كَقَوْلِ أَبي خِرَاشٍ الْهُذَلِيِّ:
لَقَدْ وَقَعْتُ عَلَى لَحْمٍ وعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ: عِنْدَ ظَرْفُ مَكَانٍ قَرِيبٍ وقاصِراتُ الطَّرْفِ صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ نِسَاءٌ قَاصِرَاتُ النَّظَرِ. وَتَعْرِيفُ الطَّرْفِ تَعْرِيفُ الْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالْكَثِيرِ، أَيْ قَاصِرَاتُ الْأَطْرَافِ. والطَّرْفِ: النَّظَرُ بِالْعَيْنِ، وَقَصْرُ الطَّرْفِ تَوْجِيهَهٌ إِلَى مَنْظُورٍ غَيْرِ مُتَعَدِّدٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: أَنَّهُنَ قَاصِرَاتٌ أَطْرَافَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ. فَالْأَطْرَافُ الْمَقْصُورَةُ أَطْرَافُهُنَّ. وَإِسْنَادُ قاصِراتُ إِلَى ضميرهن إِسْنَادٌ
حَقِيقِيٌّ، أَيْ لَا يُوَجِّهْنَ أَنْظَارَهُنَّ